وقد جمع بينها بنحوين:
أحدهما: إن الكفر الذي أطلق عليهم في هذه الأخبار هو الكفر الحقيقي و إن كانوا مسلمين في الظاهر بحسب الروايات المتقدمة فتجري عليهم أحكام الاسلام من طهارة البدن وجواز المناكحة وصيانة المال وحقن الدم والموارثة فهم مخلدون في النار لما ذكر من أنهم كفار حقيقة وواقعا.
ثانيهما: حمل كفرهم على بعض معانيه ومرتبة من مراتبه وهو كفر الترك حيث إنهم تركوا وأضاعوا ما أمر الله تعالى به فالكفر هنا نظير كفر من ترك الحج الذي نص عليه في القرآن الكريم بقوله تعالى: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " 1 وأيضا نظير ما ورد من أن تارك الصلاة كافر 2 وتارك الزكاة كافر. 3 وأورد في الحدائق على الوجه الأول من أنهم مسلمون ظاهرا وكفار حقيقة بأنه لم يقم دليل على ذلك في غير المنافقين في وقته صلى الله عليه وآله وسلم... والمتبادر من اطلاق الكفر حيث يذكر إنما هو ما يكون مباينا للاسلام و مضادا له في الأحكام إذ هو المعنى الحقيقي للفظ...
لكن الانصاف عدم ورود اشكاله وذلك لعدم المناص عن الجمع بين الأخبار فإذا كان بعض الروايات ناطقة بكفر المخالفين، وبعضها ناطقة بخلاف ذلك صريحة في اسلام المقر بالشهادتين فما يصنع هناك لو لم يجمع بينهما كذلك. ولكنه رضوان الله عليه لم يتعرض للأخبار المعارضة ولم يذكرها أصلا