انكار حكم ثبت عند منكره أنه من الدين ويتحقق التكذيب بذلك مع عدم كونه ضروريا فلو كان الملاك هو التكذيب فلماذا خصوا الضروري بالذكر وما وجه التخصيص؟
والتحقيق أن انكار الضروري يتصور بحسب مقام الثبوت على ثلاثة أنحاء:
الأول: الموضوعية في الحكم بالكفر فكما أنه يحكم بكفر من جحد إله العالم وأنكر النبوة كذلك يحكم بكفر من أنكر ضروريا من ضروريات الدين بمجرد انكاره نظير كون الاقرار بالشهادتين موضوعا للحكم بالاسلام وترتب أحكامه على المقر بهما فمنكر الضروري كافر لا من حيث كفره الباطني وعلمنا بأنه كافر واقعا بل هو كافر ولو لم نعلم حاله ولم يثبت لدينا كفره الباطني بل و إن علمنا أنه كاذب في إنكاره وأنه مؤمن واقعا فعلى الموضوعية المحضة يحكم عليه بالكفر لعلة انكار الضروري وحده إلا من اضطر إليه أو أكره عليه مع الايمان الرصين كما قال الله تعالى في حكاية عمار " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان. " 1 الثاني: أن يكون انكار الضروري موجبا للكفر لكونه كاشفا عن إنكار الرسالة وتكذيب النبي الأمين ونقضا تفصيليا لما أقر به اجمالا فهما كالمتلازمين عقلا وعلى هذا فلو شك في أنه مكذب واقعا واحتمل خلاف ما نطق به مع أنه منتحل إلى الاسلام ومقر بالشهادتين فلا يكون انكاره سببا للحكم بكفره نظير ما ورد من أن الحدود تدرء بالشبهات.
هذا إذا كان قد احتمل في حقه عدم التكذيب فكيف بما إذا علم أنه ليس بمكذب وأنه ليس بصدد انكار الرسالة ولا يريد ذلك أصلا فهو ينكر أمرا خاصا