إلى ما يختلف باختلاف من الأسباب في الأنواع المذكورة فقد قدمنا أن النبض يتغير بسبب يخرجه عن حالة نفسانيا كان كالغضب أو خارجيا مماز جا كالمسكر أولا كالحمام ومن ثم التزموا أخذه عند القيام من النوم واعتدال البدن إلى غير ذلك فرأى جالينوس أنه لا غنية للطبيب عن النظر في غير الوقت الصالح لضرورة طارئة فاحتاج إلى قانون يكوشن به ضبط الطوارئ فقرر أن الواجب على الطبيب أن يعرف نبض الشخص حال الصحة ثم يعرفه حال الانحراف بالنسبة إليها ومن ثم منعت الملوك أطباءها عن نظر الانباض المختلفة حذرا من التزلزل فرأى ذلك عسرا فأعمل الفكر في إيضاح طريق يضبط ذلك فصح بعد الاحكام أن الاختلاف عائد إما إلى المزاج ومقتضاه العظم والقوة إن كان حارا وإلا الضد وعليه تتفرع البواقي من صناعة ومكان وجنس وغيرها فان الحدادة والحجاز والشباب يلزمها ما يلزم الحار المزاج قطعا فلا حاجة إلى ما اخترعه وإلى ما فرعوه ولكن أذكره كما ذكروه أو إلى الذكورة والأنوثة ولا شك أنه في الذكورة يكون أقوى وأعظم وفى الأنوثة أشد سرعة وتواترا. أو إلى السحنة ومقتضى القضافة قوته وظهوره وفى الارتفاع لقلة اللحم المانع له من ذلك والعبولة عكسها إلا أنها إن كانت شحمية لزم أن يكون رطبا. أو إلى السن ومقتضاه عظمه في الصباوة والشباب وزيادة التوتر في الأولى والسرعة والعظم في الثانية والكهول عكس الأولى والشيوخ الثانية أو إلى الفصول، ولازم الربيع الاعتدال والحريف الاختلاف والصيف والشتاء الصغر والبطء والضعف لتحلل الحرارة في الأولى واختفائها في الثانية وعليه لابد من التواتر فيه بالنسبة إلى الصيف كذا قرروه وعندي أن الفصول كالأسنان فالربيع كالصبيان وهكذا والهواء كالفصول قالوا وكذا الأماكن والواجب يبسه في الجبالة والحجازية وبطؤه وتواتره في الباردة وعظمه وامتلاؤه في الجنوبية والعكس أو إلى النوم ومقتضى أوله كمقتضى الصيف من البطء والتفاوت والضعف لدخول الحرارة ووسطه كذلك عند الشيخ قال لان احتقان الحرارة لا يوجب عظمه ونازعه الرازي والصحيح أنه إن كان بعد الغذاء فالواجب أن يكون عظيما للهضم والنمو سريعا قويا لزيادة القوة وإلا استمر متزايدا في الصفات السالفة وآخره كالأول مطلقا، أما في الجوع فظاهر وأما في غيره فلكثرة ما يندفع إلى ما تحت الجلد مما لا تحله إلا اليقظة وكلما طال زادت الصفات هذا هو الأصح من خبط كثير عندهم، وأما الحمل فأوله يستلزم العظم والسرعة والقوة إلى الرابع فتنقص القوة إلى آخر السادس فينقص العظم لعجز القوى وتستمر السرعة إجماعا لكن على ما كانت عليه على الأصح. وقال الرازي وأبو الفرج تزيد وليس كذلك لعدم موجبها وإنما يزيد التواتر لضعف القوة فهذه موجباته الطبيعية وأما ما يغيره سوى الطبيعي فمنها الرياضة ونبض أولها قوى عظيم سريع مع تواتر قليل فان طالت تناقصت الصفات إلا التواتر للاعياء والتحلل. ومنها الموجبات النفسية كالغضب وهو كأول الرياضة لتحرك الحرارة فيه إلى الخارج دفعة ودونه الفرح للتدريج وعكسه الخوف لكن السرعة فيه توجد بعد البطء والضعف أولى ويعقبه التواتر ودونه في ذلك الغم لما سبق من أنه عكس الفرح. وأما الهم فحكمه الاختلاف لعدم ضبط النفس فيه. ومنها الاستحمام فإن كان بالماء الحار كان النبض في أوله عظيما قويا سريعا متواترا وتنقص الأربعة بطول الاستحمام حتى يعود إلى الضد. أو البارد كان بطيئا ضعيفا متفاوتا صغيرا إلا في السمين فيكون سريعا مالم يبلغ التطويل في الماء نكاية البدن. ومنه المتناولات ونبضها مختلف مطلقا في الأدوية سريع عظيم في أول السكر وآخره مختلف وفى الأغذية يكون في قلة الكم قويا لنفوذه وفى البواقي مختلفا بحسب الأغذية كما وكيفا وأما ما يرد على البدن من الأمور المغيرة غير الطبيعية فقد تكون
(٤٧)