110 أبو القاسم عبد الصمد بن علي الطبري رحمه الله ولد بنيسابور ونشأ بها وتأدب فيها مستظلا بظل الكفاية وتخرج فخرج منقطع القرين في أصول الأدب وفروعه والجمع بين ثماره ورياحينه وإضافة نثره الذي هو سحر البيان إلى نظمه الذي هو قطع الجنان وخدع الزمان على الحداثة من سنة والغضاضة من عوده وهو الآن بالحضرة حرسها الله تعالى في أعيان كتاب الرسائل وهذه فصول من نسخة كتاب له يعرب عن تقدم قدمه في الكتابة واتساع باعه في البلاغة كتبه إلى الأديب أبي علي الحسين المروروذي وكان خرج إلى جرجان بعد معاشرته إياه بنيسابور خرج الأستاذ أدام الله عزه والقلب بجناح الشوق نحوه طائر إلا وهو معه سائر مثل صاع العزيز في أرحل القوم ولا يعلمون ما في الرحال استنشق نسيم سلامته من كل واد واهدي إليه سلامي مع كل رائح أو غاد وها أنا مقصد بسهم فراقه موثق في قيد اشتياقه فالسلام على العيش حتى أراه ولا مرحبا بالحياة أو أحيا بمحياه وسقى الله أيامنا في ظله واستسعادنا بقربه وانتهازنا فرص اللذة به إذ العيش غض والزمان غلام ولقاؤه برد على أكبادنا وسلام أذكره الله متنزهنا بآخرة والسماء زرقاء اللباس والشمال ندية الأنفاس والروض مخضل الإزار والغيم منحل الأزرار وكأن السماء تجلو عروسا وكأنا من قطرها في نثار والربى أرجة الأرجاء شاكرة صنيع الأنداء ذهب حيثما ذهبنا ورد حيث درنا وفضة بالفضاء والجبال قد تركت نواصيها الثلوج شيبا والصحارى قد لبست من نسج الربيع بردا قشيبا ولا ربع إلا وللأنس فيه مربع ولا جزع إلا وفيه للعاشق مجزع والكؤوس تدور بيننا بالرحيق والأباريق تنهل مثل ذوب العقيق وتفتر عن فار المسك وخد الشقيق والجيوب تستغيث من أكف العشاق وسقيط الطل يعبث بالأغصان عبث الدل بالغصون الرشاق والدن يجرح بالمبزال فتل الصايغ طوق الخلخال
(١٨٩)