العطاء من طرف واحد، فيكون الوفاء بالنسبة إلى الآخر بالتسليم، ولو كان العقد حاصلا بالطرفين ووقع التعاطي في زمن واحد، فمعنى الوفاء هو البقاء على المقرر المعاطاتي، فلو رجع إلى رفيقه لاسترداد ماله بعنوان نقض العهد والعقد، فهو خلاف الوفاء بالعقد عرفا، فكما يجب التسليم قبله بعنوان الوفاء كذلك يجب الابقاء بعنوانه، فبعد العقد الفعلي لو استرد ماله بعنوان نقض العهد فقد خالف الحكم، وإن أخذه بعنوان السرقة فقد أكل مال الغير. هذا كله هو أحد المعنيين في الوفاء.
والمعنى الثاني: هو عدم حل العقد بالفسخ، وعدم نقضه بإعمال ما يورث حل العقدة، وأما وجوب التسليم والرد فهو غير مربوط بمفهوم الوفاء بالعقد، وإلا يلزم خروج المعاطاة، لعدم إمكان فرض الوفاء فيها.
والذي هو التحقيق: هو المعنى الأول، لفهم العرف ذلك، ولكننا نبين كيفية استفادة اللزوم من المعنيين فيه. فالكلام على هذا يقع في مرحلتين:
أولاهما: في الطرق الممكنة لاستفادة اللزوم من الكريمة بناء على المعنى الأول، وهي كثيرة:
فمنها: أن يكون وجوب الوفاء بالعقد كناية عن لزوم العقد، لأن معنى الوفاء هو ترتيب آثار العقد عليه وإيجاد ما يقتضيه، فإذا أريد بيان اللزوم فتارة يصرح: بأن العقد لازم، وأن زيدا جواد، وأخرى يأتي بالكناية الأبلغ من التصريح، فيقول: يجب الوفاء بالعقد، وإن زيدا كثير