الحسين السبط عليه السلام يراد منه قسرا أن يبايع ليزيد - صاحب الخمرة والمجون! - فلم يجد أمامه إلا أن يخرج من مدينة جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم قاصدا العراق بعد أن أتته كتب أهلها بالبيعة والولاء، فيستشهد بينهم في وقعة، بل مأساة لم تشهد لها الدنيا نظيرا! وقد تهيأ له عليه السلام أن يقف فيهم خطيبا، فقال:
" أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من رأى سلطانا جائرا، مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير ما عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله.
ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفئ وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق من غير، وقد أتتني كتبكم ورسلكم ببيعتكم، وأنكم لا تسلموني ولا تخذلوني، فإن أقمتم على بيعتكم تصيبوا رشدكم.
وأنا الحسين بن علي ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهلكم، فلكم في أسوة... " (1). فلما لمن يكن منهم إلا قتاله ومن معه من أهل بيته وأصحابه، ركب عليه السلام راحلته وتقدم إلى جيش يزيد، ونادى بصوت عال يسمعه كل الناس، فقال: