هذا الثقل الذين أذلوا الأمة ودفعوها إلى دائرة المقهور. وفيه الذين كذبوا على الرسول ووضعوا مئات الأحاديث ليدعموا بها فريقا أو رأيا أو ليشوشوا على الإسلام ومبادئه والقرآن الكريم شن عليهم حملات عنيفة، ووصفهم بالنفاق والفسق. وفضح مؤامرتهم ودسائسهم التي كانوا يحيكونها في الظلام للقضاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته. فضلا إلى عشرات الأحاديث التي وصفتهم بالارتداد عن الدين والتمرد على أصوله ومبادئه.
لقد وضع الحزب الأموي الصحابة داخل هالة من القداسة. ومنحهم صفة العداة. وأشاع ذلك بين الناس على اختلاف فئاتهم وطبقاتهم. وجدوا في تثبتها وتركيزها في النفوس بالمال والسلاح وكل المغريات. وظلت هذه الفكرية تسير مع الأجيال جيلا بعد جيل. إلى أن جاء دور المؤلفين من الرجال وأحوال الرواة في عصر يختلف عن أي عصر مضى. من حيث الصراع الفكري والعقائدي الذي شاع وانتشر بين أوساط المسلمين خلال القرن الثاني من الهجرة، فوجد هؤلاء أن محاكمة الصحابة وتجريحهم كغيرهم يؤدي إلى الإطاحة بأكثر المرويات عن الرسول. لأن أكثرها مروي بواسطتهم، وفي ذلك انتصارا للعناصر الأخرى التي لم ترض للعقل بأن يبقى بعيدا عن المسرح. وأعطوا للعقل الحق في أن يتدخل في كل شئ، ما لم يكن من الضرورات التي لا تقبل الشك والمراجعة، هذا بالإضافة إلى أن السياسيين وغيرهم يعلمون أن انتقاد الصحابة ومحاكمتهم كغيرهم، يؤدي بالنتيجة إلى انتقاد الخلافة الإسلامية بالنحو الذي سارت عليه، لأن عدالة الصحابة وعدم اجتماعهم على ضلال كما يزعمون. من أوفر الأدلة حظا على شرعيتها، فإذا التزموا بأنهم كغيرهم من سائر الناس وضعوهم في قفص الاتهام، كان ذلك انتصارا للحزب المعارض لخلافة الثلاثة، وبالتالي تبطل خلافة الأمويين من أساسها حتى على منطقهم الذي ضللوا به الجماهير المغلوبة على أمرها.
فبعد أن وضعت الأحاديث ونصبت خيمة القداسة وظهرت الفرق وجاء عصر التدوين، اهتم القائمين على هذا الأمر بأحاديث الأحكام. وتجاهلوا التيارات المتضاربة والآراء الغربية عن تعاليم الإسلام، والافتراضات التي أيدتها