وروجتها بعض الفرق والأحزاب التي لبست المسوح ومضت تفلسف المعتقدات والمبادئ الإسلامية. إلى غير ذلك من الاتجاهات التي كان لها أكبر الأثر في تحوير الحقائق والتلاعب في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بالإضافة إلى دور القصاصين والمرتزقة الذين اتخذوا القصص مهنة. فأخذ القائمين على هذا الأمر هذه المرويات ودونوها من غير تعديل أو تمحيص، ولهذا كثيرا ما نجد بين الرواة الكثير من الذين ينتسبون إلى هذه التيارات من جبرية وقدرية ومرجئة وغيرهم، وعلى سبيل المثال فرغم الهالة التي للبخاري وجامعه في نفوس آلاف العلماء والمحدثين، فقد تعرض للنقد وأبى الباحثون المنصفون إلا أن ينظروا إلى البخاري كمحدث اجتهد في جمع الحديث وتدوينه يخطئ ويصيب، وإلى كتابه كغيره من مجاميع الحديث التي جمعت الغث والسمين والصحيح والفاسد. والبخاري روى عن مروان بن الحكم، وأبا سفيان، ومعاوية وعمر بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وعبد الله بن عمرو، والنعمان بن بشير. الذي لازم معاوية وولده يزيدا إلى اللحظة الأخيرة من حياته. واشترك معهما في جميع الجرائم والفتن. ولم يذكر البخاري الحسن والحسين في جملة من روى من الصحابة، مع العلم بأنهما يخضعان لقاعدة تعريف الصحابي. وأكثر ما روى عنه البخاري أبو هريرة، وعائشة، وعمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر.
وقد روي عن أبي هريرة أربعمائة وستة وأربعين حديثا، وعن عبد الله بن عمر مائتين وسبعين حديثا، وعن عائشة مائتين واثنين وأربعين حديثا. ولم يرو عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا حديثا واحدا. وروي عن علي بن أبي طالب تسعة وعشرين حديثا. وروي عن أبي موسى الأشعري سبعة وخمسين حديثا، وروي عن معاوية ثمانية أحاديث. وعن المغيرة بن شعبة أحد عشر حديثا، وعن النعمان بن بشير ستة أحاديث. ولم يرو عن المقداد بن الأسود إلا حديثا واحدا. ولا عن عمار بن ياسر إلا أربعة أحاديث ولا عن سليمان الفارسي إلا أربعة. وروي عن عبد الله بن عباس نحو من مائتين