فالجمع والبيان وحي من الله ينطق على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرى في حركته. ومن الثابت أن بعض الصحابة كانوا يكتبون الوحي للنبي.
كعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وأبي بن كعب، يقول الشيخ سيد سابق: فكان كلما نزلت آية دعاهم وأمرهم بكتابتها وأرشدهم إلى موضعها من السورة التي يريد أن يلحقها بها. وكان بعض الصحابة يكتبون ما ينزل من القرآن من تلقاء أنفسهم... وكان الغرض من الكتابة تقوية ما علق بالذاكرة، وكانوا يكتبون في جريد النخل (1) وصفائح الحجارة (2) والرقاع والأقتاب (3) والأكتاف (4).
وكان النبي يأمرهم بحفظ آيات القرآن وما بينه لهم من أحكام وتفسير قال تعالى: (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا) (5)، قال سيد سابق: أي بيانا. وفي الاصطلاح. علم يفهم به معاني كلام الله ويستخرج به أحكامه (6)، والبيان يقتضي أن يبين لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خفي عليهم من ألفاظ القرآن ومعانيه. قال تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) (7)، يقول سيد سابق: وقد امتثل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فبين للأمة ما هو في حاجة إلى بيان. روي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال: حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن. أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل. قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا " (8).
مما سبق علمنا أن جمع القرآن وبيان ما خفي من ألفاظه كان بوحي