الذين طهرت نفوسهم الصحبة من الفجور والآثام. ومنهم المسلم الذي لم يبلغ مرتبة هؤلاء، ومنهم المتستر بالإسلام الذي يستبيح كل شئ في سبيل تحقيق أهدافه ورغباته. وأصحاب اللافتة يعلمون أحاديث الارتداد التي اتفق عليها الشيخان البخاري ومسلم. والتي تنص على أن هناك من ارتد عن الدين بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينج منهم إلا مثل همل النعم كما جاء في بعض مرويات الشيخين الجليلين. ويعلم أصحاب اللافتة أيضا أن بعض الصحابة أمثال معاوية، ومروان، والمغيرة، وابن العاص، وولده عبد الله، وطلحة، والزبير، اللذين تزعما حركة المعارضة لخلافة علي بن أبي طالب. بقيادة السيدة عائشة، وكان من نتائجها أن استشهد ما يقرب من خمسين ألفا أكثرهم من المسلمين الأبرياء الذي غررتهم السيدة عائشة بوقوفها هذا الموقف الذي حذرها منه الرسول في أكثر من مناسبة، يعلم أصحاب اللافتة أن الكثير من الصحابة كانوا مدخلا لتحريف السنة وتجاهل أحكام الدين، ونحن نسأل: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم جعل أصحابه دون استثناء فوق البشر من حيث العدالة والصدق والإخلاص إلى غير ذلك. وإذا افترضنا أن الساحة لم يكن بها منافقون.
وأن الجميع أطهار. فبأي من هؤلاء نقتدي. بالذين بايعوا أبو بكر أم بالذين تخلفوا عنه؟ بمن يمكن الاقتداء بالذين كانوا مع عثمان أم الذين أنكروا عليه أعماله؟ ومن المسؤول عن سفك الدماء يوم الجمل وبأي الفريقين نقتدي؟ وابن آكلة الأكباد وقرينة ابن العاص الذين نسبوا أنفسهم إلى الصحبة فخاضوا في دماء المسلمين، فبمن نقتدي؟ نقتدي بأمير المؤمنين أم بالقاسطين وكلهم صحابة؟
بمن نقتدي بالحكم بن العاص وكعب الأحبار وأمثالهم من الذين بشروا بملك بني أمية، أم بأبي ذر وحذيفة وغيرهم من الذين حذروا من ملك بني أمية؟ بمن نقتدي بالمقتول حجر بن عدي، أم بالقاتل معاوية بن أبي سفيان؟ والخلاصة: لو صح حديث أصحابي كالنجوم. فلا شك أنه لم يرد به العموم. وإنما يرد به الذين كالنجوم في ظلمة الليل يحذرون ويبشرون، لكي يعيد الناس ترتيب أوراقهم وتنظيم حركتهم، لأن الله ينظر إليهم كيف يعملون.
إن لافتة القداسة جعلت للقرآن ثقلا آخر هو الصحابة. كيف؟ وفي حبل