تجف. وعندما جاء عهد المتوكل سنة 232 ه يقول المسعودي: أمر المتوكل يترك النظر والمباحثة في الجدال. والترك لما كان عليه الناس في أيام المعتصم والواثق والمأمون وأمر الناس بالتسليم والتقليد وأمر شيوخ المحدثين بالتحديث وإظهار السنة والجماعة (1). وبايع المتوكل لبنيه الثلاثة: محمد المنتصر بالله، وأبي عبد الله المعتز بالله، والمستعين بالله. وفي ذلك يقول ابن المدبر في ذكره لهذه البيعة:
يا بيعة مثل بيعة الشجرة * فيها لكل الخلائق الخيرة آلدها جعفر وصيرها * إلى بنيه الثلاثة البررة (2).
وفي ذلك يقول علي بن الجهم:
قل للخليفة جعفر يا ذا الندى * وابن الخلائف والأئمة والهدى لما أردت صلاح دين محمد * وليت عهد المسلمين محمدا وثنيت بالمعتز بعد محمد * وجعلت ثالثهم أعز مؤيدا (3).
وفي عام 235 ه أمر المتوكل بهدم قبر الحسين وهدم ما حوله من الدور، وخرب وبقي صحراء. يقول السيوطي: وكان المتوكل معروفا بالتعصب (4).
وسارت الأمور بعد المتوكل إلى ما ذكرناه. يقول الدكتور أحمد أمين: إن السلطات الحكومية من عهد المتوكل. قد تخلت عن نصرة المعتزلة، وأغلب الناس يمالؤون السلطة أينما كانت ويخافون أن يعتنقوا مذهبا لا ترضاه. فهربوا من الاعتزال إلى من يهاجم الاعتزال (5). وفي أثناء ذلك، ظهر أبو الحسن الأشعري، الذي ولد بالبصرة عام 260 ه. وكان قد التحق بالمعتزلة مبكرا