لكان قبيحا، كذلك نفت هذه المدرسة أن يكون للفرد حرية واختيار وقدرة على خلق أفعاله. ومع ذلك فهي ترى أنه من الممكن أن المكلف الكافر بالإيمان مع عدم استطاعته له. بناء على إرادة الله ومشيئته (1) ومما سبق يمكن القول أن الاختلاف بين المذاهب قد وقع. وأن هناك من أصاب الحقيقة أو اقترب منها. وأن هناك من ابتعد عنها وقطع شوطا كبيرا في عالم الفتنة والتأويل. ذلك العالم الذي يدخله الذين في قلوبهم زيغ. وأن العمود الفقري لهذا الاختلاف، تلك الآراء التي تعارض بعضها بعضا فيما يختص بمعرفة الله عز وجل. بمعنى أن الاختلاف في معرفة الله هو عمدة الاختلافات.
والله تعالى لم يترك معرفته للعباد كي يقولوا فيها بآرائهم، وإنما بعث الأنبياء والرسل ليبينوا ذلك لأممهم، لأن الهدف من خلق الجن والإنس أن يعبدوا الله.
ولا تصح عبادة لله إلا بمعرفة الله. فالمنحرفين من أهل الكتاب يعبدون الله، ولكنهم انحرفوا عن المعرفة الحقة. فأصبحت العبادة هباء ضائع في خلاء.
. في رأينا أن أسباب هذا الاختلاف، يعود إلى إبعاد الراسخين في العلم عن مزاولة عملهم الرسالي وسوق الناس إلى صراط العزيز الحميد، لينالوا سعادة الدنيا بما يتوافق مع الكمال الأخروي. وهذا الاختلاف يصرخ في أعمال الوجود. إن الكتاب لو كان في غير حاجة إلى الراسخين في العلم أصحاب التأويل، لأجمع الناس على مدلوله ولم تفترق الأمة. ولكن الاختلاف قد وقع عندما جلس الذين يحتاجون إلى التعليم والإرشاد على المقاعد الأولى. ليصبحوا قرين القرآن الذي اشتمل تبيان كل شئ، وأول هذه الأشياء معرفة الباري جل وعلا. ولقد تحدثنا من قبل أن الله تعالى جعل المودة والرحمة بين الزوجين. لتكون أرضية إنشاء البيت المسلم وانتصارا للفطرة. وأخر مودة ذي القربى أجرا للرسالة الخاتمة. والفرق بين المودة بين الزوجين وبين مودة ذي القربى، أن الأولى مجعولة داخل النسيج الإنساني. أما الثانية فمأمور بها لتكون حركة لينظر الله إلى عباده كيف يعملون. فالدائرة الأولى وقود للدائرة الثانية،