كله لأن جميع المنكر تركه واجب، لاتصافه بالقبح وشرط الوجوب أن يغلب على ظنه وقوع المعصية (1)...
وقالوا في النبوة يقول فيه ابن أبي الحديد: إن الذي عليه أصحابنا، أن النبي منزه قبل البعثة. عما فيه تنفير عن الحق الذي يدعو إليه. وعما فيه غضاضة وعيب. مثل: الكفر أو الفسق، لأنا نجد أن التائب العائد إلى الصلاح بعد أن عهد منه السخف والمجون والفسق لا يقع بالمعروف ونهيه عن المنكر عند الناس موقعهما ممن لم يعهدوه، إلا على السعد والصلاح. كما أنه لا يجوز أن يكون محترفا بحرفة يستخفون الناس بصاحبها. هذا قبل البعثة، أما بعد البعثة.
فقد منع أصحابنا وقوع الكبائر منهم عليهم السلام أصلا. ومنعوا أيضا وقوع الصغائر المستخفة منهم (2).
مما سبق نعلم أن المعتزلة لم يهضموا نظرية الجبر، ونفوا القول بالقدر.
ورفضوا أن يكون الإنسان مجرد آلة صماء، لا رأي له ولا حرية ولا اختيار، إنما تسيره يد القضاء من وراء ستار، فأثبتوا أنهم يحترمون الحرية الفردية. حرية الفكر والعمل. ويقدرون المواهب العقلية. ويقول الشيخ / محمد خليل: وإني لأعتقد أن المعتزلة بنفيهم القدر عن أفعال العباد الاختيارية المكتسبة، قد أصابوا هدفين في وقت واحد، فإنهم لم ينفوا الظلم عن الله ودافعوا عن العدالة الإلهية فحسب، بل دافعوا أيضا عن الحرية الإنسانية. لأنهم اعتبروا الإنسان حرا في أفعاله فرفعوا من شأنه. وجعلوه مخلوقا عاقلا حرا جديرا بتحمل المسؤولية (3).
والمعتزلة لم تظهر شجرتهم في العهد الأموي على الرغم من أنهم بدؤوا في هذا العهد، فما كانت الدولة لتسمح بهذه الأفكار. وهي التي تحارب كل فكر لا يتفق مع سياستها. ولكن الشجرة بدأت في الظهور عندما شاخت الدولة الأموية، ثم تفرعت شجرتهم وأورقت عندما جاء العهد العباسي، ففي هذا العهد