تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا (1).
ومن قولهم في المنزلة بين المنزلتين: إن الإيمان إقرار باللسان ومعرفة وعمل بالجوارح. وإن كل عمل فرضا أو نقلا هو إيمان، وكلما ازداد الإنسان خيرا ازداد إيمانا، وكلما عصى نقص إيمانه.
فالإيمان مركب من أمور، فلو أخل المكلف بأحدها يسلب عنه اسم الإيمان. فلا يقال له مؤمن أو كافر. بل هو بمنزلة من المنزلتين. ومرتكب الكبيرة لا كافر ولا مؤمن. والكبيرة عندهم أنواع، منها ما تؤول إلى الكفر.
ومنها ما يطلق على مرتكبها اسم الفسوق فقط (2). ويقول الشيخ أبو زهرة: من اعتقادهم، أن العاصي من أهل القبلة في منزلة بين المنزلتين. يرون أنه لا مانع من أن يطلق عليه اسم المسلم تمييزا له عن الذميين لا مدحا ولا تكريما. وأنه في الدنيا يعامل معاملة المسلمين، لأن التوبة له مطلوبة. والهداية مرجوة. وقد قال في ذلك " ابن أبي الحديد " وهو من شيوخ المعتزلة: إنا وإن كنا نذهب إلى أن صاحب الكبيرة لا يسمى مؤمنا ولا مسلما. نجيز أن يطلق عليه هذا اللفظ.
إذا قصد به تمييزه عن أهل الذمة وعابدي الأوثان، فيطلق مع قرينة حال أو لفظ يخرجه عن أن يكون مقصودا به التعظيم والثناء أو المدح (3).
ومن قولهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أنهما واجبان عقلا ونقلا. ويذهبون إلى أنهما واجبان باللسان والقلب واليد، وقد فسر الزمخشري صاحب الكشاف. إلى أن الأمر بهما من فروض الكفاية، لأنه لا يصلح له إلا من علم المعروف، وعلم كيف يرتب الأمر في إقامته وكيف يباشره. وأن الجاهل ربما نهى عن معروف وأمر بمنكر وقد يغلط في موضع اللين ويلين بموضع الغلظة. وينكر على من لا يزيده إنكاره إلا تحاديا. والأمر بالمعروف تابع للمأمور به، إن كان واجبا فواجب، وإن كان ندبا فندب، وأما النهي عن المنكر