حدود (1). ويقول الشيخ خليل الزين: نزه المعتزلة ذات الباري عن كل آفة.
وعرضوا واستدلوا على صحة دعواهم بالكثير من الأدلة. نفوا رؤية الباري تعالى بنفي الجسمية، فإذا انتفت الجسمية انتفت الجهة، وإذا انتفت الجهة انتفت الرؤية، لأن المرئي له حيز وجهه وشكل، والجميع محال تحققها في ذات الله.
نفوا الجسمية بقولهم: أن كل جسم حادث ومحتاج إلى الإعراض، وأن الذي لا يتخلى عن الحوادث لا بد أن يكون حادثا. نفوا الرؤية بالدليل العقلي والنقلي بقول تعالى: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك) وقوله تعالى مخاطبا موسى عليه السلام: (لن تراني) فأدلتهم في التوحيد مركبة من العقلية والنقلية (2). وذهب الأشعري إلى جواز رؤية الله تعالى في الآخرة، وقال: إن كل موجود يصح أن يرى. فإن المصحح للرؤية هي إنما هو الوجود. والباري موجود فيصح أن يرى (3).
ويقول الشيخ أبو زهرة: وبالنسبة للألفاظ التي وردت موهمة للتشبه في القرآن مثل... (يد الله فوق أيديهم)، وقال المعتزلة: المراد سلطان الله فوقهم.
وقال الحشوية: يده يد جارحة. وقال الأشعري: يده يد تليق بذاته (4).
كانت هذه أهم ملامح مذهب الأشعري. ويقول الشيخ أبو زهرة: وجاء من بعد الأشعري علماء يخالفونه. فابن حزم يعد الأشعري من الجبرية، لأن رأيه في أفعال الإنسان لا يثبت الاختيار للعبد (5)، وعن منهج الأشاعرة يقول الدكتور محمود قاسم في كتاب مناهج الأدلة في عقائد الملة: إنهم أنكروا ضرورة وجود الغاية والحكمة والصلاح في العالم. وحقروا من شأن العقل في التفرقة بين الحسن والقبيح. وزعموا أن الشرع لو مدح الكاذب لكان حسنا ولو ذم الصدق