ولم تقف الحركة عند زمن البعثة حيث فضلوا على النبي بعض صحابته.
وإنما تتبعوا الحركة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقدموا مواقف ترفع من شأن الباحثين عن الحقيقة أمثال زيد بن عمرو بن نفيل. روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي زيد بن عمرو قبل أن ينزل الوحي على النبي. فقدم إليه النبي سفرة. فأبى زيد أن يأكل منها وقال: إني لست آكل ما تذبحون على أنصابكم ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه (1).
وروى الديلمي قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " سمعت زيد بن عمرو، يعيب أكل ما ذبح لغير الله فما ذقت شيئا ذبح على النصب حتى أكرمني الله تعالى بما أكرمني به من رسالته (2). وكما أظهروا فضل زيد بن عمرو. أظهروا فضل قس بن ساعدة الأيادي، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله قسا كأني انظر إليه على جمل أورق تكلم بكلام له حلاوة ولا أحفظه " (3).
كيف وهو النبي الأعظم الذي اصطفاه على أرضية الجذور الطاهرة. لقد قال النبي الأعظم: إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم فرقة. ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقه. ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة. ثم جعلهم بيوتا تجعلني في خيرهم بيتا وخيرهم نفسا (4). كيف وقد سألوه: يا رسول الله هل أتيت في الجاهلية شيئا حراما؟ قال: لا (5). وقيل له: هل عبدت وثنا قط؟ قال: لا، قالوا: فهل شربت خمرا قط؟ قال: لا. وما زلت أعرف أن الذي هم عليه كفر، وما كنت أدري ما الكتاب (6).