معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٣٩٣
الثالثة: التي يتفرع على القول بالعدل مسألة الأفعال الصادرة منا، هل نفعلها باختيار أو نحن مسيرون إليها. فقد ذهبت المعتزلة إلى أن الإنسان مختار في أفعاله. وأن أفعال العباد مخلوقة لهم وهي من كسب أنفهسم... وشبهوا أفعال الإنسان بالحركة الاختيارية، فإن الإنسان يفعلها على اختياره. وفرعوا على هذا القول أن الإنسان لو لم يكن مختارا في أفعاله لما جاز عذابه على عدم امتثاله، لأن العذاب متفرع عن عدم امتثال الأوامر الممكن إثباتها بمطلق إرادة العبد. وقالوا: أن العقل لا يجوز أن يكلف الإنسان بالإتيان بشئ هو مسلوب القدرة عنه، فإن قصر بالإتيان بشئ مسلوب القدرة عنه يعاقب ويعذب فإن هذا تكليف بالمحال. وقالوا: إن الإنسان المسلوب الاختيار لا يأتي الوعيد بحقه لأن الوعيد إنما يجئ في المسائل المقدورة للإنسان. والمسائل التي لا قدرة للخلق على الإتيان بها يقبح العقل العقاب عليها. ولا معنى لأن يقال للعبد. افعل وهو مسلوب الاختيار.. إنما يصح لمن يكون له حرية الاختيار، هذا من الوجهة العقلية، وأما النقل فقد استدلوا على حجة دعواهم بالآيات القرآنية. مثل قوله تعالى: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله)، فهذه الآية من الآيات التي تذم عمل من الأعمال، وأما الآيات التي بها مدح للمؤمنين وذم للكافرين مثل قوله: (اليوم تجزى كل نفس بما كسبت اليوم تجزون بما كنتم تعملون) (1).
وقالوا في الوعد والوعيد: إن الوعد والوعيد نازلان لا محالة. فوعد الله بالثواب واقع. ووعيده بالعقاب واقع أيضا. ووعده بقبول التوبة النصوح واقع أيضا. وهكذا فمن أحسن يجازي بالإحسان إحسانا، ومن أساء يجازي بالإساءة عذابا أليما. فلا عفو عن كبيرة من غير توبة، كما لا حرمان من ثواب لمن عمل خيرا. وإن هذا فيه رد على المرجئة الذين قالوا: لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة. إذ لو صح هذا، لكان وعيد الله في مقام اللغو. قال

(1) تاريخ الفرق ص 137، 138.
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459