وقيل: أمر بسل لسانه فمات (1).
وهكذا جمع بني العباس في منتصف رحلتهم الهلع المروع إلى الخوف المرتجف وألقوه على خط الإمام علي بن أبي طالب. وعلى الرغم من ذلك ظل هذا الخط يعمل على امتداد الثلاثة قرون الأولى يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم: " سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي الناس خير؟ قال: قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم... " (2)، وفي رواية عدد أربعة قرون (3). وقال النووي: قال الحسن وغيره القرن عشر سنين، وقال قتادة:
سبعون، وقال النخعي أربعون، وقال زرارة: مائة وعشرون، وقال عبد الملك:
مائة (4).
والخيرية هنا لا تقاس بالفتوحات أو بالهجوم على المدينة أو مكة من أجل الملك، وإنما الخيرية عمودها الفقري هو دعوة الناس إلى الخير والعمل على إصلاح ما أفسدوه. والخيرية هي التي تعمل من أجل بناء الإنسان العابد الصالح أولا. لأن شرط التمكين في الأرض أن يكون العابد صالحين. قال تعالى:
(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون * إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين) (5)، وشرط نزول البركات أن يكون الناس مؤمنين قال تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) (6). فالخيرية تسوق الناس إلى الله وتذكرهم بما نسوه، كي يرفع الله عنهم العذاب الذي تعددت أشكاله وألوانه، لأن من السنن الإلهية أن الذين نسوا ما ذكروا به، كان حقا على الله أن يفتح عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما