الزكية لزهده ونسكه، وبويع له في كثير من الأمصار. وتصدت جيوش الدولة لحركة محمد بن عبد الله، وانتهى الأمر بقتله لينضم إلى الشهداء الذين سبقوه وروي أن أبا جعفر المنصور جمع قادة حرسه وجيوشه وقال لهم: والله ما رأيت رجلا أنصح من الحجاج بن يوسف لبني مروان، فقال له المسيب بن زهير: يا أمير المؤمنين، ما سبقنا الحجاج بأمر تخلفنا عنه، والله ما خلق الله على جديد الأرض (1) خلقا أعز علينا من نبينا صلى الله عليه وسلم. وقد أمرتنا بقتل أولاده فأطعناك وفعلنا ذلك، فهل نصحناك أم لا؟ فقال له المنصور: اجلس لا جلست (2).
وهكذا عاد الحجاج من جديد، ولكن في عالم يغلب عليه حياة الجواري تلك الحياة التي خرجت بذرتها من غابة بني أمية ليستظل تحتها القادم الجديد.
وسارت أحوال خط علي بن أبي طالب في النظام العباسي بين أذى الدولة المكشوف، وبين أذى الطرق الخفية المضمونة النتائج والتي تتدثر في رداء من الطيبة الظاهرة. حتى جاء عهد المتوكل فأمر بهدم قبر الحسين، وهدم ما حوله من الدور. يقول السيوطي: وكان المتوكل معروفا بالتعصب، فتألم المسلمون من ذلك، وهجاه الشعراء، فمما قيل في ذلك:
بالله إن كانت أمية قد أتت * قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد أتاه بنو أبيه بمثله * هذا لعمري قبره مهدوما أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا * في قتله فتتبعوه رميما (3) وقال السيوطي: قتل المتوكل يعقوب بن السكيت، الإمام في العربية، فإنه ندبه إلى تعليم أولاده، فنظر المتوكل يوما إلى ولديه. المعتز والمؤيد وقال لابن السكيت: من أحب إليك هما أو الحسن والحسين. فقال: قنبر مولى علي بن أبي طالب خيرا منهما. وعندئذ أمر المتوكل الأتراك فداسوا بطنه حتى مات،