الإمام: يا سائل. إن الله خلقك كما شاء أو كما شئت؟ قال: كما شاء فقال الإمام: إن الله يبعثك يوم القيامة كما شئت أو كما يشاء؟ قال: كما يشاء، فقال الإمام: يا سائل. ألك مشيئة مع الله أو فوق مشيئته. أو دون مشيئته. فإن قلت مع مشيئته، أدعيت الشركة معه، وإن قلت دون مشيئته، استغنيت عن مشيئته وإن قلت فوق مشيئته كل مشيئتك غالبة على مشيئته. ثم قال الإمام: يا سائل.
ألست تسأل العافية؟ قال السائل: نعم، فقال الإمام: عن ماذا تسأله العافية؟
أمن بلاء هو ابتلاك به، أو من بلاء غيره ابتلاك به؟ قال الرجل: من بلاء ابتلاني به. فقال الإمام: ألست تقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال السائل: بلي، فقال الإمام: أتعرف تفسيرها؟ قال: لا يا أمير المؤمنين علمني مما علمك الله. فقال: تفسيره إن العبد لا قدرة له على طاعة الله ولا على معصيته. يا سائل، إن الله يسقم ويداوي، منه الداء ومنه الدواء، ثم قال: لو وجدت رجلا من أهل القدر لأخذت بعنقه ولا أزال أضربه حتى أكسر عنقه، فإنهم يهود هذه الأمة (1) وظلت تيارات القول بالقدر تحفر في جدار الأمة حتى بعد وفاة الإمام علي. روي أن الإمام الحسن بن علي بعث برسالة إلى قوم من أهل البصرة ادعوا الجبر فقال: من لم يؤمن بقضاء الله وقدره فقد كفر، ومن حمل ذنبه عليه ربه فقد كفر. إن الله لا يطاع استكراها، ولا يعصى لغلبة، لأنه المليك لما ملكهم، والقادر على ما أقدرهم عليه. فإن عملوا بالطاعة لم يحل بينهم وبين ما فعلوا، وإن عملوا بالمعصية فلو شاء لحال بينهم وبين ما فعلوا. فإن لم يفعلوا، فليس هو الذي أجبرهم على ذلك، فلو أجبر الخلق على الطاعة لأسقط عنهم الثواب.
ولو أجبرهم على المعاصي، لأسقط عنهم العقاب (2).
فهذا الكلام صادر من عند سادة أهل البيت، فإذا ذهبوا ذهب العلم الذي إذا ضبط المرء حدوده خصم من خالفه. ومع بروز الدولة الأموية انشغل الأمراء