معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٣٦٦
بالقتال على الدنيا، وتفرق المسلمون أثر السياسة التي اتبعتها الدولة، وضعف أمر الدين وتغلبت المطامع والأهواء على عقول المسلمين، وصدت الدولة كل دعوة تدعو المسلمين للاحتفاظ بعقيدتهم الحقة، ووقف العامة والغوغاء حاجزا أمام الدعاة المصلحين الذين دعوا الأمة للتمسك بسيرة السلف الصالح من المهاجرين والأنصار. وكان الرعاع دعاة سوء. وملتقى كل من يريد هدم الإسلام، وحولوا القوة التي حصنها الإسلام لصالحهم الخاص، وجردوا السيف على رقاب الأئمة والقادة والعلماء لأنهم لم يسيروا في ركابهم.
وعندما اشتغل المسلمون بالفتن الداخلية، وجانبوا تعاليم القرآن، اندس بين المسلمين رجال دخلوا في الإسلام من فرس ونساطرة ويعاقبه ويهود، وتزينوا بزي العلماء وأظهروا المحافظة على تعاليم القرآن. ثم أدخلوا عقائدهم السابقة من القول بالحلول والقدر والجبر في عقيدة المسلمين، وفسروا آيات كتاب الله حسب ما يؤيد ما يذهبون إليه. ففريق أخذ بظاهر تلك الآيات، وفريق آخر أولها، فنشأت القدرية في ثوبها الجديد، وبالغ القدري في القدر، فجعل العبد خالقا لأفعاله، وبالغ الجبري في مقابلته فسلب عنه الفعل والاختيار، وبالغ المعطل في التنزيه فسلب عن الله صفات الجلال ونعوت الكمال، وبالغ المشبه في مقابلته، فجعله كواحد من البشر له وجه ويدين (1).
وهكذا عصفت رياح الفتن داخل الجماجم البشرية في الدولة الأموية التي قاتلت أصحاب العلم وجاؤوا بما قاله المشركون عند البعثة النبوية ولكن في ثوب جديد براق. ولقد اتفق العلماء كافة على أن القول بالقدر شاع في الدولة الأموية، وأن الدولة احتضنت هذا التيار وتبنته حتى ترعرع على تربتها (2)، وفكرة القضاء والقدر التي طرحتها أجهزة الصد عن سبيل الله هدفها وضع العالم في حيرة واضطراب فكري، ينتج عن ذلك عدم تقديس الشرائع، وعدم التقيد

(1) المصدر السابق 42.
(2) راجع: تاريخ المذاهب الإسلامية / محمد أبو زهرة ص 104 - 111، وتاريخ الفرق الإسلامية / خليل الزين ص 66.
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459