(إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) (1). فطريقه إلى عقولهم كي يستخفهم كان يحمل عنوان الدين الذي التقى مع أهوائهم.
إذا كنا قد علمنا ذلك من سيرة الفرعون كما قصها القرآن الكريم، وعلمنا أيضا أن هذه الحركة الفرعونية كانت تجري على أرضية الفتنة، لقوله تعالى:
(فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملائهم أن يفتنهم) (2)، فإن الوليد بن عبد الملك الذي امتص تجربة بني أمية وضع هو وقائمة المنتفعين والمتسلقين معه منهجا يلتقي في خطوطه العريضة مع المنهج الفرعوني الذي يقوم على قوله: (ما أريكم إلا ما أرى) (3). وهذا المنهج دخل إلى الغالب الأعم في الأمة كما دخل إلى قوم فرعون من قبل، وذلك لأنه دخل من باب قوله: (إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) (4)، وكانت حركة منهج الوليد تستقيم مع حركة المنهج الفرعوني في اتجاه الفتنة يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) (5).
ولقد ذكرنا من قبل أن القرآن الكريم كتاب طاهر ولا يمسه بتأويل إلا طاهر، وهذا الطاهر لا بد أن يكون بنص وإلا ادعى كل إنسان الطهارة. وذكرنا أن أجر الرسالة الخاتمة لا يصب إلا في وعاء مودة ذي القربى، وأن دائرة ذي القربى دائرة لها رأس. وكما أن لكل قوم سادة حتى النحل له سادة، كذلك دائرة ذي القربى فإن لها سادة يرتبطون بالقرآن ولا ينفصلا حتى يردا على الحوض.
فهؤلاء رفعهم الله يعلمهم درجات، بمعنى أنهم يمتازون عن بقية الأمة بعلمهم