معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ٣٦٨
خيمتهم لا تظهر عورات بني أمية، وعلى منابرهم يجد فقهاؤهم أبوابا للخروج من كل مأزق. فإذا قيل لهم لماذا قاتلتم عليا ثم قمتم بسبه بعد ذلك؟ أو لماذا قتلتم حجر بن عدي واستلحقتم زياد وقتلتم الحسين؟ أو لماذا اجتحتم المدينة يوم الحرة ثم توجهتم إلى مكة لرميها بالحجارة، أو لماذا استخذتم مال الله دولا وعباد الله خولا ودين الله دخلا وضيعتم الصلاة؟. فإذا قيل لهم هذا أو غيره قالوا: كل هذا بقضاء الله وقدره. وعلى هذا أجمعت الأمة. فمن أبى فالسيف.
ولما كانت الدولة الأموية قد أخذت الخطوة الرسمية في اتجاه سنن الذين خلو من قبل، فإن أهل الكتاب قد أخذوا خطوة إضافية تتفق مع أهدافهم التي يسارعون من أجل تنفيذها في الفساد، فقاموا بتغذية الساحة بتيار مضاد لتيار الجبرية لسبب رئيسي هو وضع المسلمين في حلقة من الحيرة والاضطراب الفكري حتى لا يصلوا إلى الحقيقة التي تغذي الفطرة. في التيار الذي قذفوا به هو تيار القدرية وهذا التيار يعمل تحت عنوان: إن كل فعل للإنسان هو إرادته المستقلة عن إرادة الله سبحانه وتعالى (1). وهذا العنوان يعارض تيار الجبرية معارضة تامة. فبينما تقوم الجبرية على تحجر الإنسان والوقوف كحجر عثرة أمام سعيه ونضاله وتدعو الإنسان للخضوع والاستسلام لأولياء الأمر، بدعوى أن الله قدر عليهم أزلا. أن يكونوا محكومين للطغاة، وكما قال الشاعر:
جرى قلم القضاء بما يكون * سيان منك التحرك والسكون جنون منك أن تسعى لرزق * ويرزق في غشاوته الجنين (2) فإن تيار القدرية يعمل على الخط المقابل، والهدف من وراء ذلك العمل على اشتغال الساحة وفي جميع الحالات فالنتيجة لصالح أهل الكتاب. ويقول الشيخ أبو زهرة عن أول من تكلم في القدر ووضع وتد هذا التيار على أرض الواقع: أول من تكلم في القدر رجل من أهل العراق كان نصرانيا، فأسلم ثم تنصر. وأخذ عنه معيد الجهني، وغيلان

(1) تاريخ المذاهب الإسلامية ص 111، تاريخ الفرق الإسلامية ص 79.
(2) تاريخ الفرق الإسلامية / الزين ص 81.
(٣٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459