الذي رفعهم به الله درجات، فإذا ذهبوا ذهب العلم، لأن ذهاب العلم ذهاب حملته ويترتب على ذلك التيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: " مثل العلماء في الأرض، مثل النجوم في السماء، إذا ظهرت ساروا بها وإذا توارت عنهم تاهوا " (1). فالعلماء تحت سقف الأمة شربوا من علوم دائرة ذي القربى وساروا بمشاعلهم حتى لا يسقطوا في حفر الفتن يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
" النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي " (2). فتحت مشاعل أهل البيت يكون الأمان من الفتن ومن كل مكروه، لأنهم مع كتاب الله الهادي ثقلين في حبل واحد. يقول الزرقاني في شرح المواهب: أما الكتاب فلأنه معدن العلوم الدينية، والأسرار والحكم الشرعية، وكنوز الحقائق، وخفايا الدقائق.
وأما العترة، فلأن العنصر إذا طاب أعان على فهم الدين، فطيب العنصر يؤدي إلى حسن الأخلاق، ومحاسنها يؤدي إلى صفاء القلب ونزاهته وطهارته (3).
وقال صاحب التاج الجامع للأصول: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" أحسنوا خلافتي فيهما باحترامهما، والعمل بكتاب الله وما يراه أهل العلم من آل البيت أكثر من غيرهم " (4).
فإذا كنا قد علمنا ذلك، وعلمنا كيف حورب أهل البيت حتى لا يقوموا في الأمة بالعمل الذي يستقيم مع مرتبة العلم التي فضلهم الله بها وبغيرها، وكيف قتل أمير المؤمنين الذي عليه نص بأنه يقاتل على التأويل حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، فإذا كنا قد علمنا هذا وغيره على امتداد هذا الكتاب، فلم يبق إلا أن نقول إن ذهاب العلم، وذهاب حملته، يفتح الطريق أمام الذين يبتغون الفتنة. ولدينا العديد من النصوص التي تقول بأن حركة بني أمية ما هي إلا حركة فتنة على طريقها ترفع أعلام أغيلمة وسفهاء قريش الذين يتخذون ما الله دولا، وعباد الله خولا، ودين الله دخلا. وفي عالمهم يقتل المتقين، وتضيع الصلاة،