بنواميسها، وإلى ارتكاب المحظورات التي حظرتها الديانات السماوية بحجة أنها بقضاء الله تعالى. واحتضان الدولة الأموية لهذا التيار الهدف منه التعتيم على ما ورد في شأنهم، وخضوع المسلمين لهم بحجة أن قيادتهم مفروضة عليهم بقضاء الله وقدره، وأن أي تمرد عليهم هو تمرد على قضاء الله وعن أول من قال بالجبر في ثوبه الجديد يقول الشيخ محمد أبو زهرة: إننا نجزم بأن القول في الجبر شاع في أول العصر الأموي وكثر حتى صار مذهبا في آخره... وقد قالوا إن أول من فعل ذلك بعض اليهود، فقد علموه بعض المسلمين وهؤلاء أخذوا ينشرونه. ويقال إن أول من دعا إلى هذه النحلة من المسلمين " الجعد بن درهم "، وقد تلقاه عن يهودي بالشام، ونشره بين الناس بالبصرة. ثم تلقاه منه " الجهم بن صفوان " (1)، ولم يكن الجهم يقول بالجبر يقول بالجبر فقط بل إن جهما كان يدعو إلى آراء أخرى (2)، تتعلق بالجنة والنار، ورؤية الله يوم القيامة وغير ذلك. وهكذا تشابكت فروع الشجرة الأموية مع فروع شجرة أهل الكتاب. بعد أن التقطوا منهم فكرة الجبر في ثوبها الجديد، لأنها تتلائم ومبدأهم السياسي. ومن المعلوم أن الشام عاصمة الخلافة الأموية كانت متبعا للديانات والآراء المختلفة. كان الأمويون يتسامحون مع رؤوساء الأديان، ويعقدون مع القياصرة معاهدات الصلح ليتفرغوا للمسلمين في قتالهم على الملك. وفي أثناء هذه المعاهدات كان الأحبار الجدد يتسللون لتكملة بناء الأحبار الأوائل. وكان الأمويون يقربون الأحبار إليهم. ومن الثابت أيضا أن سرجون النصراني كاتب معاوية ومن بعده يزيد ثم مروان بن الحكم (3)، وكاتم أسرار الدولة الأموية كان على رأس الجبرية (4).
فالدولة الأموية باتفاق جميع علماء الفرق تبنت تيار الجبرية، لأن تحت