العاقبة للمتقين (1). وتحت أعلامهم أتى الله بالعافية، فلم يقبل عليها إلا القليل، وتحت السيوف حبسوا وقتلوا وتأبى السماء أن تترك قتلهم بغير عقاب.
وجاء الوليد بن عبد الملك كنتيجة لمقدمة، كما جاء فرعون موسى في الدولة الحديثة (1575 - 945 قبل الميلاد) هاضما للتجربة الفرعونية كلها، منذ بدأت في العصور التاريخية (2780 قبل الميلاد). فكان تجسيدا حيا للشذوذ الذي دونه آباءه في عالم الانحراف. وعلى امتداد تاريخ الفرعون، غرست بذور لم تمت شجرتها بموت الفرعون، وإنما امتدت ظلال الشجرة لتشمل عصور الدولة الفرعونية المتأخرة (945 - 343 ق. م). ثم تمتد بعد ذلك إلى دولة الإغريق، ودولة الرومان، بعد اندحار دولة الفراعنة أمام الغزاة الإغريق.
فالفراعنة كانوا في عالم الأموات، وشذوذهم له أعلام في عالم الأحياء. وفيهم يقول تعالى: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون * وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين) (2). قال المفسرون: الدعوة إلى النار، هي الدعوة إلى ما يستوجب النار من الكفر والمعاصي. ومعنى جعلهم أئمة يدعون إلى النار، تعييرهم سابقين في النار، يقتدي بهم اللاحقون. وقوله تعالى: (وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة....)، أي لكونهم أئمة يقتدى بهم من خلفهم في الكفر والمعاصي، لا يزال يتبعهم ضلال الكفر والمعاصي، من مقتديهم ومتبعيهم، وعليهم من الأوزار مثل ما للمتبعين فيتبعهم لعن مستمر، باستمرار الكفر والمعاصي بعدهم. فالآية في معنى قوله تعالى: (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) (3).
ففرعون امتص التجربة والوليد بن عبد الملك امتصها أيضا. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ليكونن في هذه الأمة رجل يقال له الوليد، لهو أشر