وأقسمت عليك بالله لتقبلها. فقبلها منه (1).
لقد كانت هناك معارضة، للذين يقاتلون من أجل الدنيا، ولكن هذه المعارضة لم يكن لها رأس هدفها الآخرة، وتسوق الناس في الدنيا إلى عالم البركات، وشرط عالم البركات أن يؤمن أهل القرى وأن يتقوا. أهل القرى كلهم، وليس قبيلة من القبائل، أو فردا من الأفراد، فالدعوة عالمية. وتتحرك بعالميتها تحركا واحدا، على امتداد العصور. وهذا التحرك على أرض إذا سقط عليها الماء، اهتزت وأنبتت نبات عالم البركات، وليس نبات عالم الضنك.
فالإنسان مرتبط بالكون، فإن استقام على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، التقي مع فطرة الكون في معزوفة واحدة. أما إذا شذ، فإنه بهذا الشذوذ يصطدم من فطره الله في خلقه، فتضربه جميع الأسباب وفي عالم الفرية، وفي عالم القتال من أجل الدنيا، وفتح أبواب الفتن، ونشر ثقافة السب، روي أن يحيى بن سعيد قال: سمعت علي بن الحسين، وهو أفضل هاشمي أدركته يقول: يا أيها الناس، أحبونا حب الإسلام، فما برح بنا حبكم حتى صار علينا عارا. وفي رواية: حتى بغضونا إلى الناس (2).
وفي عالم البغض والحقد والكراهية. مارس الحجاج بن يوسف مهمته بكل ارتياح. فصد عن سبيل الله، وتتبع أصحاب الإمام علي في كل مكان، وشكك في أهل البيت. روي أنه طلب كميل بن زياد ليقتله، وكان كميل صحابي أدرك من الحياة النبوية، ثمان عشرة سنة، وشهد صفين مع علي (3)، وكان شجاعا، فاتكا، وزاهدا عابدا (4). وعندما وقف كميل أمام الحجاج، نال الحجاج من علي، فصلي كميل عليه. فقال له الحجاج: والله لا بعثن إليك من يبغض عليا أكثر مما تحبه، فأرسل إليه ابن أدهم، وكان من أهل