الفرزدق وكان حاضرا. أنا أعرفه. فقالوا: ومن هو؟ فأشار الفرزدق يقول:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم ينمي إلى ذروة العز التي قصرت * عن نيلها عرب الإسلام والعجم إلى أن قال:
هذا ابن فاطمة إن كنت تجهله * بجده أنبياء الله قد ختموا من جده دان فضل الأنبياء له * وفضل أمته دانت لها الأمم عم البرية بالإحسان فانقشعت * عنها الغواية والإملاق والظلم إلى أن قال:
من معشر حبهم دين وبغضهم * كفر وقربهم منجي ومعتصم يستدفع السوء والبلوى بحبهم * ويستزاد به الاحسان والنعم مقدم بعد ذكر الله ذكرهم * في كل حكم ومختوم به الكلم إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم * أو قيل من خير أهل الأرض؟ قيل: هم لا يستطيع جواد بعد غايتهم * ولا يدانيهم قوم وإن كرموا هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت * والأسد أسد الشرى والبأس محتدم يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم * خيم كرام وأيد بالندي هضم لا ينقص العدم بسطا من أكفهم * سيان ذلك أن آثروا وإن عدموا أي الخلائق ليست في رقابهم * لأولية هذا أوله نعم فليس قولك من هذا؟ بضائرة * العرب تعرف من أنكرت والعجم من يعرف الله أولية ذا * فالدين من بيت هذا ناله الأمم يقول ابن كثير: فغضب هشام من ذلك، وأمر بحبس الفرزدق بين مكة والمدينة، فلما بلغ ذلك علي بن الحسين، بعث إلى الفرزدق باثني عشر ألف درهم، فلم يقبلها، وقال: إنما قلت ما قلت لله عز وجل، ونصرة للحق، وقياما بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذريته، ولست أعتاض عن ذلك بشئ. فأرسل إليه علي بن الحسين يقول: قد علم الله صدق نيتك في ذلك