بالبصرة (1). وكان أنس يقول: ما بقي أحد صلى القبلتين كلتيهما غيري (2).
ولو تدبر أصحاب الغزل والنسيج، في أقوال أنس في آخر حياته، لرؤا فيها الندم. ولعلموا أن غرسهم بعد الندم لا قيمة له إلا في خزائن السلطان. فعن ابن عمران الجوني قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ما أعرف شيئا اليوم، مما كنا عليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلنا: فأين الصلاة؟ قال:
أولم تصنعوا في الصلاة، ما قد علمتم (3). وروى البخاري أن الزهري دخل على أنس، فوجده يبكي. فقال ما يبكيك قال: لا أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضيعت (4)، إن معنى أن يضيع كل شئ عند النتيجة، أن المقدمة بعد وفاة الرسول يجب البحث فيها لنقف على الداء.
وما نسجوه على موقف أنس وابن عمر، فعلوه أيضا في حركة عائشة.
تلك الحركة التي قام فقهاء السلطان بترقيعها، وتلوينها، حتى لا يصل أحد إلى حقيقة، وكان يكفيهم أن ينظروا إلى موقف عائشة في المحطة الأخيرة، حيث التوبة والندم. فعائشة بعد قتل محمد بن أبي بكر وحجر بن عدي، تبينت الحقيقة، واعترفت بأنه لولا موافقها السابقة، لكان لها شأن آخر في مقابل هذه الأحداث (5). ثم بدأت في نشر فضائل أهل البيت، وقيل أن حديثها ينشر الفضائل، كان بعد وفاة الحسن بن علي. وقيل غير ذلك. وروي أنها قالت عند وفاتها: إني قد أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقالت: ليتني لم أخلق. يا ليتني كنت شجرة أسبح وأقضي ما علي (6).
وإذا كنا قد ذكرنا أن الحجاج عقاب، وتحت هذا العقاب ينظر الله تعالى