زاوية من زوايا جهنم، رجل يملك عشرين أو بضعا وعشرين، لا يدع لله معصية إلا ارتكبها. حتى لو لم يبق إلا معصية واحدة، وكان بينه وبينها باب مغلق، لكسره حتى يرتكبها، يقتل بمن أطاعه من عصاه (1). وروي أن الإمام علي قال لأهل الكوفة، فيما أخرجه الإمام أحمد عن الحسن: " اللهم كما ائتمنتهم فخانوني، ونصحت لهم فغشوني، فسلط عليهم فتى ثقيف الذيال الميال، يأكل خضرتها ويلبس فروتها، ويحكم فيهم بحكم الجاهلية. قال الحسن: ما خلق الحجاج يومئذ (2). وكان الإمام الحسين قد دعا عليهم يوم كربلاء فقال: اللهم احبس عنهم قطر السماء، وابعث عليهم سنين كسنين يوسف، وسلط عليهم غلام ثقيف يسقهم كأسا مصبرة، فإنهم كذبونا وخذلونا (3). فالحجاج عذاب دق أوتاده نظام. وحكمة الوجود عمودها الفقري، لينظر الله كيف تعملون. إن الحجاج بقعة حمراء جاهلية في ثوب به جميع الألوان، كلها تحمل زخارف الدنيا، فإلى أين يكون الفرار؟ وكيف سيدون القرن الأول الهجري تاريخه في هذه الحقبة الزمنية، التي عليها تنبت عقائد، وعلى مساحتها تشق أكثر من سبعين فرقة طريقها.
والحجاج وضع شذوذا، وارتكب جرائم من شأنها أن تحرك الناس، طلبا للتغيير على طريق العودة إلى الله. ويكفي أن يقول عمر بن عبد العزيز في أعمال الحجاج: " لو جاءت كل أمة بخبثها وجئناهم بالحجاج لغلبناهم " (4). وقال أبي النجود: " ما بقيت لله حرمة إلا وقد ارتكبها الحجاج " (5). وسألوا مجاهد عن الحجاج فقال: تسألون عن الشيخ الكافر (6). وقال الشعبي: الحجاج يؤمن بالجبت والطاغوت كافر بالله