عظيمة تقضي به إلى الكفر (1).
من كل ما سبق، نعلم أن الحجاج اقتحم على الناس من الباب الذي لا ينبغي للناس أن يسمحوا له بالدخول منه، ولكن الغالب الأعم تعامى عن حركة الحجاج، كما تعاموا من قبل، عن أعمال يزيد، ومن قبله عن أعمال معاوية.
وتعامى الرأي العام وإن كان يعود إلى ثقافة السب، ورشوة النبلاء، إلا أنه عذر لا تقبله الفطرة التي هي حجة بذاتها على الإنسان.
وفي عالم البغض والتعامي، تحركت جيوش الحجاج، بعد أن صدرت الأوامر إليها من عبد الملك بن مروان. وكان تحركها في اتجاه مكة لقتل ابن الزبير، وابن الزبير لم يدع شيئا مقدسا، أو راية نقية، إلا تاجر بها لبسط نفوذه، وعبد الملك ما ترك سجنا، ولا سيفا، إلا واستعمله من أجل بسط نفوذه. لقد كانت المواجهة بين الطرفين في مكة. وعلى مكة تحذير من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله حرم مكة. يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي، ولا تحل لي قط إلا ساعة من الدهر، لا ينفر صيدها، ولا يعضد شوكها، ولا يختلي خلاها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد (2). وفي رواية قالوا: إلا الأذخر يا رسول الله، فإنه لا بد منه للقين، والبيوت. قال: إلا الإذخر فإنه حلال.
وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: وهي اليوم حرام كما حرمها الله عز وجل أول مرة، وإن أعتى الناس على الله عز وجل ثلاثة: رجل قتل فيها، ورجل قتل غير قاتله، ورجل طلب بذحل (3) الجاهلية (4).
ومن أجل هذا، تحرك أهل البيت بعيدا عن الدائرة الحرام، وكانت حركتهم من أجل أن يدخلوا بالناس إلى المنطقة الأمان. أما غيرهم فقد تسلق