على الدائرة الحرام طمعا في الدنيا، حتى جاء يزيد وعبد الملك في زمن القهر، واتخاذ عباد الله خولا، فوجهوا الجيوش إلى الدائرة الحرام، لينالوا الدنيا على دخان الكعبة.
روي أن الحجاج زحف إلى مكة. فحاصر ابن الزبير بها وكتب إلى عبد الملك: أني ظفرت بأبي قبيس. فلما ورد كتابه على عبد الملك بحصار ابن الزبير، كبر عبد الملك، فكبر من معه في داره، واتصل التكبير بمن في جامع دمشق فكبروا، واتصل ذلك بأهل الأسواق فكبروا ثم سألوا عن الخبر فقيل لهم:
إن الحجاج حاصر ابن الزبير بمكة، وظفر بأبي قبيس (1). منع ابن الزبير الحجاج أن يطوف بالبيت. ووقف الحجاج بعرفة محرما في درع مغفر (2)، وكانت مدة الحصار خمسين ليلة (3). ثم بدأ الحجاج يصب الحجارة على مسكة صبا، وابن الزبير متحصن بالكعبة، وتفرق عن ابن الزبير أصحابه، وخذله من معه خذلانا شديدا. وجعلوا يخرجون إلى الحجاج، حتى خرج إليه نحو من عشرة آلاف، وذكر أنه كان ممن فارقه وخرج إلى الحجاج ابنا الزبير، وخبيب، فأخذا منه لأنفسهما أمانا (4).
وروي أنه عندما رمى البيت بالحجارة والمنجنيق، أرسل الله تعالى الصواعق والبروق والرعود. فنزلت الصواعق على المنجنيق وأحرقته، فوقف أهل الشام عن الرمي، فقال لهم الحجاج، ويحكم ألم تعلموا أن النار كانت تنزل على من كان قبلنا. فتأكل قربانهم إذا تقبل منهم. فلولا أن عملكم مقبول ما نزلت النار فأكلته. فعاد أهل الشام للضرب. وقتل ابن الزبير (5). وأمر الحجاج بصلب الزبير بمكة. وكان مقتله سنة ثلاث وسبعين. (6)