استعينوا بها على حرب عدوكم، وأعلمهم أنك منهم. ففعل الرجل ذلك، فجاء إلى المسجد وسمع الناس يقولون: هذا يبايع للحسين، فتقدم وقال: يا عبد الله إني أمرؤ من أهل الشام مولى لذي الكلاع. أنعم الله علي بحب هذا البيت وحب من أحبهم، فهذه ثلاثة آلاف درهم أردت بها لقاء رجل منهم بلغني أنه قدم الكوفة يبايع لابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكنت أريد لقاءه، فلم أجد أحدا يدلني عليه ولا يعرف مكانه. وإني لجالس آنفا في المسجد. إذ سمعت نفرا من المسلمين يقولون. هذا رجل له علم بأهل البيت، وإني أتيتك لتقبض هذا المال. وتدخلني على صاحبك فأبايعه. وإن شئت أخذت بيعتي له قبل لقائه... فشكره الرجل ودعا له وقال له: لقد ساءني معرفتك إياي بهذا الأمر من قبل أن ينمى، مخافة هذا الطاغية وسطوته.. وأخذ بيعته وأخذ عليه المواثيق المغلظة ليناصحن وليكتمن. فأعطاه من ذلك ما رضي به (1)، ثم إن معقلا مولى ابن زياد ذهب إلى واحد من أتباع ابن عقيل، وهو مسلم بن عوسجة ليدخله على ابن عقيل. فأقبل به حتى أدخله عليه، وأصبح معقل أول داخل وآخر خارج يسمع أخبارهم ويعلم أسرارهم، ثم ينطلق بها حتى يقرها في أذن ابن زياد (1)، وروي أن ابن زياد بعد أن أخذ جميع احتياطاته الأمنية. بعث إلى هانئ بن عروة الذي ينزل في داره ابن عقيل وقال له: إيه يا هانئ بن عروة، ما هذه الأمور التي تربض في دورك لأمير المؤمنين وعامة المسلمين؟ جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك، وجمعت له السلاح والرجال في الدور حولك وظننت أن ذلك يخفى علي (2).
ثم دعا ابن زياد معقلا ذلك العين، فجاء حتى وقف بين يديه فقال لهانئ:
أتعرف هذا، قال: نعم. وعلم هانئ عند ذلك إنه كان عينا عليهم، وأنه قد أتاه بأخبارهم (3). فقال هانئ: آمره أن يخرج من داري إلى حيث شاء من الأرض.