واحد منهم يدعى المنذر بن الجارود. الذي خشي أن يكون الكتاب مدسوس من قبل عبيد الله بن زياد ولذا توجه إلى مقر الإمارة، وأعطى الكتاب لابن زياد. فأمر بإحضار سليمان حامل رسالة الحسين وضرب عنقه (1). ثم صعد إلى المنبر وقال: إني لنكل لمن عاداني، وسم لمن حاربني.. يا أهل البصرة. إن أمير المؤمنين يزيد ولاني الكوفة، وأنا غاد إليها الغداة، وقد استخلفت عليكم عثمان بن زياد بن أبي سفيان. وإياكم والخلاف والإرجاف، فوالذي لا إله غيره، لئن بلغني عن رجل منكم خلاف، لأقتلنه وعريفه ووليه. ولآخذن الأدنى بالأقصى حتى تسمعوا لي، ولا يكون فيكم مخالف ولا مشاق. أنا ابن زياد.
أشبهته من بين من وطئ الحصى. ولم ينتزعني شبه خال ولا ابن عم (2). ثم خرج من البصرة، واستخلف أخاه عثمان وأقبل إلى الكوفة. كما أوصى معاوية بن أبي سفيان. وروى أنه عندما دخل الكوفة كانت عليه عمامة سوداء.
وكان متلثما، فظن الناس حين قدم عبيد الله بن زياد أنه الحسين، فأخذ لا يمر على جماعة من الناس إلا سلموا عليه وقالوا: مرحبا بك يا ابن رسول الله، قدمت خير مقدم. فرأى ابن زياد من تباشيرهم بالحسين عليه السلام ما ساءه.
فلما دخل القصر وعلم الناس في الكوفة أنه عبيد الله بن زياد، دخلهم من ذلك كآبة وحزن شديد (3). ولما نزل ابن زياد القصر، نودي الصلاة جامعة. فاجتمع الناس. فخرج وقال: إن أمير المؤمنين ولاني مصركم وثغركم. وأمرني بإنصاف مظلومكم.... وبالشدة على مريبكم وعاصيكم. وأنا متبع فيكم أمره ومنفذ فيكم عهده... (4).
مما سبق علمنا أن الجموع بعثت بالرسائل إلى أبي عبد الله الحسين، ولم يكن النظام الحاكم بعيدا عن ما يحدث. فلقد أغلق الأبواب على البصرة، وأعلن قانونه بصراحة " لئن بلغني عن رجل منكم خلاف لأقتلنه وعريفه ووليه ولآخذن