أبوه: يا بني إن هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا وتأخرنا، فرفعهم سبقهم وقصر بنا تأخيرنا، فصاروا قادة وسادة وصرنا أتباعا، قد ولوك جسيما من أمورهم، فلا تخالفهم، فإنك تجري إلى أمد، فنافس فإن بلغته أورثته عقبك (1).
لقد ذهب جيل عاصر حذيفة الذي كان يصلي سرا، وجاء جيل آخر على أكتافه تضيع الصلاة ويشق شعر الأديرة وشعر المجون طريقه على أيدي الأقيشر، وحنين الحيري، والثرفواني، وبكر بن خارجة، وغيرهم من الذين سلموا أعلامهم إلى خليفة ماجن متهتك خليع، نسي أنه خليفة للمسلمين، واندفع في حياة لاهية مستهترة، وهذا الخليفة هو الوليد بن يزيد، وهو فرع أخير من فروع شجرة بني أمية (2).
والجيل الذي ذهب وضع على رقبة الأمة من هو أشد. وروي أن يزيد بن معاوية عندما جلس على أريكة الملك وقام بأبهته، استشار مستشاره النصراني سرجون. ذكر ابن كثير: أن سرجون الرومي كان كاتبا لمعاوية وصاحبا لأمره (3). وقال: عندما تولى يزيد أقر نواب أبيه ولم يعزل أحدا منهم وهذا من ذكاء يزيد (4). وقال ابن حجر في الإصابة: سرجون مستشار يزيد هو الذي أشار عليه بتولية عبيد الله بن زياد الكوفة ليتصدى لأتباع الحسين (5). وذكر الطبري: لما اجتمعت الكتب عند يزيد، دعا يزيد سرجون وقال له: ما رأيك فإن حسينا قد توجه نحو الكوفة. فقال سرجون:
أرأيت معاوية لو بعث لك كنت آخذا برأيه؟ قال يزيد: نعم. فأخرج سرجون عهد عبيد الله على الكوفة، وقال: هذا رأي معاوية وقد أمر بهذا