فقال ابن زياد: لا والله لا تفارقني أبدا حتى تأتيني به. قال: لا والله لا أجيئك به أبدا، أنا أجيئك بضيفي تقتله. فقال: والله لتأتيني به، قال: والله لا آتيك به (1).
فتدخل بينهما رجل فقال: أصلح الله الأمير خلني وإياه أكلمه. فقال له: يا هانئ إني أنشدك الله ألا تقتل نفسك، وتدخل البلاء على قومك وعشيرتك... فادفع الرجل إليه، فإنه ليس عليك بذلك، مخزاه ولا منقصة. إنما تدفعه إلى السلطان قال: بلى والله إن علي في ذلك للخزي والعار. أنا أدفع جاري وضيفي وأنا حي صحيح أسمع وأرى، شديد الساعد كثير الأعوان! والله لو لم أكن إلا واحدا ليس لي ناصر، لم أدفعه حتى أموت دونه. فسمع ابن زياد ذلك فقال: ادنوه مني فأدنوه فقال: والله لتأتينني به أو لأضربن عنقك... ثم قال للعسكر: ادنوه مني فأدنوه فاستعرض وجهه بالقضيب. فلم يزل يضرب أنفه وجبينه وخده، حتى كسر أنفه وسيل الدماء على ثيابه ونثر لحم خديه وجبينه على لحيته. ثم قال: خذوه فألقوه في بيت من البيوت وأغلقوا عليه بابه واجعلوا عليه حرسا (2).
وعندما علم ابن عقيل بما حدث، أمر عبد الله بن حزم أن ينادي في أصحابه، وقد ملأ منهم الدور حوله. وقد بايعه ثمانية عشر ألفا. وفي الدور أربعة آلاف رجل. وتنادى أهل الكوفة فاجتمعوا إليه وعقد ابن عقيل للرجال على القبائل. وسارت الخيل في اتجاه القصر. فلما بلغ ابن زياد إقباله تحرز في القصر وغلق الأبواب. وروي عن عباس الجدلي أنه قال: خرجنا مع ابن عقيل في أربعة آلاف فما بلغنا القصر إلا ونحن ثلاثمائة (3).
وبينما كانت خيل ابن عقيل تتقدم نحو القصر، كانت أبواق السلطان تتجه نحو دور الكوفة. روي أن ابن زياد دعا كثير بن شهاب وأمره أن يخرج فيمن أطاعه، فيسير بالكوفة، ويخذل الناس عن ابن عقيل، ويخوفهم ويحذرهم عقوبة