أنت؟ فقال: من إن تركتموه كان أسلم لكم، وإن قتلتموه كان أضر بكم. وهرب عمرو إلى الموصل (1)، وروي أن عامل الموصول لما رأى عمرا عرفه، فكتب إلى معاوية فأمر معاوية بقتله، فهرب نحو الجزيرة ومعه رجل يقال له زاهر، وبينما هما مختبآن إذ رأيا نواصي الخيل في طلبه، فأمر زاهر أن يتغيب، وقال له: فإذا قتلت فإنهم يأخذون رأسي، فارجع إلى جسدي فادفنه، فقال له زاهر:
بل انثر نبلي ثم أرميهم حتى إذا فنيت معك. قال عمرو: لا ولكني سأزودك مني ما ينفعك الله به. فاسمع مني: آية الجنة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلامتهم علي بن أبي طالب! وتوارى زاهر، فأقبل القوم، وقتل عمرو، ونزل إليه رجل منهم فقطع رأسه. فكان أول رأس في الإسلام نصب في الناس.
وخرج زاهر إليه فدفنه (2). وفي رواية: أن حية نهشته فمات فقطعوا رأسه (3).
وبعد أن رفعت رأس عمرو بن الحمق ليراها أهل العراق، كان لا بد أن يراها أهل الشام. يقول البخاري: أول رأس بعث في الإسلام رأس عمرو بن الحمق. بعثه زياد إلى معاوية (4) لكي تشاهد الأمة الرأس المقطوع. يقول ابن كثير: وبعث برأسه إلى معاوية فطيف به في الشام وغيرها، فكان أول رأس طيف به (5).
وكان معاوية قد ألقى القبض على زوجه عمرو بعد أن فشل في القبض على عمرو، وألقى بها في سجونه. ورأى معاوية بعد أن أطمئن إلى أن الأمة قد شاهدت الرأس، أن يبعث برأس عمرو إلى زوجته في السجن. يقول ابن كثير:
ثم بعث معاوية برأسه إلى زوجته آمنة بنت الشريد، وكانت في سجنه فألقي في حجرها، فوضعت كفها على جبينه، ولثمت فمه وقالت: عيبتموه عني طويلا،