لي أن أحملكم على ما تكرهون ثم قعد (1).
وعندئذ بدأ نجم الأشعث بن قيس في الظهور. قال ابن أبي الحديد: كل فساد كان في خلافة أمير المؤمنين علي، وكل اضطراب حدث فأصله الأشعث (2). جاء الأشعث إلى أمير المؤمنين فقال: ما أرى الناس إلا قد رضوا، وسرهم أن يجيبوا القوم إلى ما دعوهم إليه من حكم القرآن. فإن شئت أتيت معاوية فسألته ما يريد. قال: آته إن شئت. فآتاه. فسأله: يا معاوية لأي شئ رفعتم هذه المصاحف؟ قال: لنرجع نحن وأنتم إلى ما أمر الله به فيها. فابعثوا رجلا منكم ترضونه، ونبعث منا رجلا، ونأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله ولا يعدواه، ثم نتبع ما اتفقنا عليه، فقال الأشعث: هذا هو الحق، وانصرف وأخبر أمير المؤمنين. واجتمع قراء الشام وقراء العراق. وقال أهل الشام: إنا قد رضينا واخترنا عمرو بن العاص. وقال الأشعث والقراء الذين صاروا خوارج فيما بعد: قد رضينا نحن واخترنا أبا موسى الأشعري. فقال الإمام: فإني لا أرضى بأبي موسى ولا أرى أن أوليه. فقال الأشعث ومن معه: إنا لا نرضى إلا به. قال الإمام: إنه ليس لي برضا. وقد فارقني وخذل الناس عني وهرب مني حتى أمنته بعد أشهر، ولكن هذا ابن عباس أوليه ذلك. قالوا: والله ما نبالي. أكنت أنت أو ابن عباس. ولا نريد إلا رجلا هو منك ومن معاوية سواء، وليس إلى واحد منكما بأدنى من الآخر. فقال أمير المؤمنين: فإني أجعل الأشتر. فقال الأشعث:
وهل سعر الأرض علينا إلا الأشتر. وهل نحن إلا في حكم الأشتر. قال أمير المؤمنين: وما الحكمة؟ قال: حكمة أن يضرب بعضنا بعضا بالسيف حتى يكون ما أردت وما أراد (3).
لقد كان الإمام يأخذ بأسباب الحياة الكريمة. فهو يعلم أن أبا موسى سيأتي لا محالة ليشارك في تحكيم الإمام يرفضه من البداية. وكان الإمام قد قال لأبي