بصواب الاقتراح، وتفاءلت خيرا، ولكني أوجست في نفسي خيفة وتهيبت كثيرا، لأن: كافة المعلومات المتعلقة بالإمام المهدي من أنباء الغيب التي لم تقع بعد، ولا مجال فيها للاجتهاد ولا للتحليل، بل آلت إلى الأمة من الأحاديث النبوية الشريفة، ثم إن الحديث النبوي نفسه قد تعرض لمحنة قاسية حيث منعت دولة الخلافة التاريخية كتابة ورواية الأحاديث النبوية منعا باتا قرابة مائة عام تحت شعار (حسبنا كتاب الله) وزاد المشكلة تعقيدا أن دولة الخلافة قد عزلت أئمة أهل بيت النبوة، وهم ورثة علمي النبوة والكتاب، وفرضت عليهم نوعا من الإقامة الجبرية، وهكذا حوصرت أنباء الغيب محاصرة تامة، وبعد المائة عام حدث الانفراج عن مصادر تلك الأنباء، وبدأ المسلمون يروون ويكتبون الأحاديث النبوية علنا!! هذه الظروف تجعل الوصول إلى الحقائق الشرعية الصادرة بالفعل عن رسول الله أمرا ليس سهلا.
ويكمن الخوف والتهيب في منهجية عرض وتقديم نظرية الإمام المهدي المنتظر، فالعشرات من العلماء الأجلاء قد بحثوا هذه النظرية، وعرضوها بأشكال متشابهة، وما ينبغي أن يكتب يجب أن يكون مختلفا تماما.
ثم إن شعور النخبة المستنيرة من المسلمين ولا شعور الخاصة والعامة من أبناء الجنس البشري قد انفض تماما من حول العقائد والأنظمة الوضعية، ويئس من قدرتها على إنقاذ البشرية، وقد حمت عندهم وتواترت بينهم، واقتنعوا بأن العالم الإنساني لن ينقذه، ولن يخلصه من مستنقعات واقعه إلا المهدي المنتظر!!
فعشقوه عشقا، وعشقوا حكومته العالمية التي سيخضع لسلطانها كافة سكان الكرة الأرضية، والملتزمة بتطهير الأرض من الظلمة، ونشر العدالة المطلقة في أرجائها، وتحقيق الكفاية التامة والرخاء المطلق لكل بني البشر، وإتمام المصالحة التامة بينهم بعد أن تقتلع جذور الخلاف والاختلاف فيسود الانسجام التام، هؤلاء بحاجة إلى دعم معنوي من الباحث، وتنسيق خاص لأنباء الغيب المتعلق بمثل هذه الأمور، والاهم كيف يرتقي الواقع العالمي إلى مستوى فهم الإمام المهدي وأهدافه وغاياته المعلنة؟ وبتعبير أدق كيف تتسلسل الحادثات وحلقات الوقائع تسلسلا منطقيا بحيث تؤدي أو تفضي مباشرة إلى دولة آل محمد، أو إلى عهد الإمام.