عليه، وأنه لم يبق من السلام السياسي إلا لقب الخليفة (أمير المؤمنين)، وأن الولايات والأعمال والوظائف العامة بالكامل مع بني أمية، وأموية من جميع الوجوه، بمعنى أن الدولة بكل مؤسساتها قد أصبحت تحت سيطرة الذين عادوا رسول الله وحاربوه بالأمس، وأن الفئة المؤمنة مهمشة بالكامل، وأقلية، وليس لها من أمر الدولة شئ. ولو تولى الخلافة بعد عثمان أي رجل في الدنيا غير علي بن أبي طالب لما استطاع أن يصمد بمثل هذه الظروف أكثر من ساعة من الزمان، لأن الملك الأموي، وسلطان المنافقين والفاسقين، قد توطد وضربت جذوره في الأرض وفي النفوس والمصالح طوال عهود الخلفاء الثلاثة، ووفقا للمعايير التي عممتها الدولة، فلا فرق بين أي صحابي من السابقين في الإيمان، ومن أهل البلاء وبين أبي سفيان، أو الحكم بن العاص، فهم بدون تفصيلات صحابة، لأنهم شاهدوا النبي، وكلهم عدول والتفاضل بينهم في الآخرة، وليس في الدنيا، والاهم من ذلك هو اعتقاد الأكثرية، بأن أبا سفيان والحكم بن العاص أصلح لإمارة الناس من أصحاب السابقة، ومن أهل البلاء في سبيل الله، ممن قامت الدولة النبوية على أكتافهم وبسواعدهم، أما أهل بيت النبوة، فقد تم التعتيم رسميا على كل فضائلهم، ولا يجرؤ أحد على ذكرهم بخير، وهم في أحسن الظروف صحابة مثلهم مثل أبي سفيان، ومروان بن الحكم، ومعاوية، بل إن هؤلاء وأمثالهم أعظم شانا عند الأكثرية والأولى بالطاعة من أهل بيت النبوة، لأن وسائل إعلام الدولة الرسمية نفخت الثلاثة وأمثالهم، وأعطتهم أحجاما أسطورية ليست لهم في الحق والحقيقة، بينما تجاهلت وسائل إعلام الدولة التاريخية أهل بيت النبوة، وعتمت على صورهم، وسخرت الدولة كافة مواردها لإبراز أهل بيت النبوة بصورة النكرات!!! واستقرت تلك الأوهام التي خلقتها وسائل الإعلام، وإمكانيات دولة الخلافة في قلوب الأكثرية الساحقة من أبناء الأمة، لأن تلك الأوهام كانت بمثابة القناعات الرسمية التي تبنتها دولة البطون، وعلى منوالها سارت عهود الخلافة التاريخية.
وباختصار شديد فإن أهل بيت النبوة، وأولياء النبي وهم علماء الإسلام وأساتذته الذين قامت دعوة الإسلام ودولة النبوة على أكتافهم، قد أخروا بالقوة،.