الجيوش وألبوا العرب على رسول الله وحاربوه بكل فنون القتال، وعادوه بكل وسائل العداء حتى أحيط بهم عندما فتح الرسول مكة، فاضطروا مكرهين للتلفظ بالشهادتين، وكتموا إحباطهم وحقدهم على آل محمد، لأنهم فئة موتورة، فما من بيت من بيوت البطن الأموي إلا وأصاب الهاشميون منه مقتلا، وقد بين الرسول لأصحابه، بأن الأمويين هم أكثر بطون قريش بغضا لآل محمد، وأنهم طامعون بملك النبوة لأنه رآهم ينزون على منبره نزو القردة، وطلب من الناس أن يعتزلوهم وأن يحذروا منهم، وبعد وفاة النبي بفترة وجيزة ولت الدولة يزيد بن أبي سفيان قائدا عاما لجيش الشام، ولما مات يزيد عينت أخاه معاوية أميرا على الشام خلفا لأخيه، (راجع البداية والنهاية ج 8 ص 118، وتاريخ الطبري ج 5 ص 69، والاستيعاب ج 3 ص 596، وكنز العمال ج 13 ص 606) وأطلق عمر بن الخطاب يد معاوية في بلاد الشام، وأعطاه الحرية الكاملة ليفعل ما يشاء، وليتصرف على الوجه الذي يراه، بلا رقيب ولا حسيب، فقد قال عمر لمعاوية يوما: (... لا آمرك ولا أنهاك)، (راجع البداية والنهاية ج 8 ص 125، وتاريخ الطبري ج 6 ص 184)، وكان عمر يوطد له بين الناس فيقول عن معاوية: (إنه فتى قريش وابن سيدها)، (راجع البداية والنهاية ج 8 ص 125، والاستيعاب ج 8 ص 397)، وكان يقول للناس: (تذكرون كسرى وعندكم معاوية)، (راجع تاريخ الطبري ج 6 ص 184)، وخاطب عمر أصحاب الشورى قائلا: (إذا اختلفتم دخل عليكم معاوية بن أبي سفيان من الشام)، (راجع الطبقات الكبرى لابن سعد ج 5 ص 535). وكان عمر يعرف أن معاوية يعد أهل الشام للخروج، وأنه سيخرج ذات يوم، فقد صرح عمر في يوم من الأيام قائلا: (يا أهل الشام استعدوا لأهل العراق). (راجع الدلائل لابن سعد، وكنز العمال ج 12 ص 354). ومع هذا لم يتعرض له عمر، إنما تركه ليكمل استعداداته وعدته ويخرج في الوقت المناسب!! وكان وراء تأمير عمرو بن العاص، فقد أعلن عمر أمام علية القوم قائلا: (لا ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميرا).
(راجع الإصابة ج 5 ص 3)، واستعان عمر بقوة الوليد بن عقبة، مع أن الوليد فاسق بنص القرآن، وكان يسكر علنا وصلى بالناس وهو سكران. (راجع الإصابة.