الحسن العسكري فوجئ أركان الدولة العباسية الذين حضروا مراسم دفن الإمام بغلام لا يتجاوز عمره الخمس سنوات يقول لعمه الذي تأهب ليصلي بالناس على الإمام صلاة الجنازة، تأخر يا عم أنا أولى بالصلاة على أبي!! كان الغلام هو المهدي المنتظر، وهو العميد الثاني عشر، فأخذ العم من هول المفاجأة وتأخر، وتقدم الإمام الغلام ليصلي بالناس على أبيه صلاة الجنازة وعلمت الدولة العباسية أن هذا الغلام هو العميد والإمام من بعد أبيه، وتساءلت متى ولد!! وقدرت أنه ربما كان المهدي المنتظر فهو من ذرية النبي، وسليل الأئمة العمداء، وبدأت تستفيق من هول الصدمة، وتتعجب كيف أنها لم تعرف بولادته!! وأخذت أجهزتها السرية تخطط لمراقبة الإمام والقضاء عليه، لأنها أيقنت أنه المهدي المنتظر الذي عنته الأحاديث النبوية، وأنه سر الإشاعة التي انتشرت بين الناس!!! بعد ما عرف أركان الدولة العباسية والخاصة والعامة من رعاياها أن للإمام الحسن العسكري ولد، وأن اسمه محمد وأنه الإمام والعميد من بعد أبيه، وأنه قد أم الجميع بصلاة الجنازة على أبيه، وبعد أن ربط الناس إشاعة المهدي الموعود المنتظر بهذا الغلام، وبعد أن صممت أجهزة الدولة العباسية على وضع الخطط والقضاء على هذا الإمام الغلام اختفى بالكامل، وعجزت الدولة العباسية بكل قوتها عن تحديد مكان وجوده، أو إثبات وفاته!! كأن الغلام الإمام قد تبخر من الأرض!! وزاد من حيرة الدولة العباسية وأجهزتها السرية، أنها قد تيقنت بأن الإمام الغلام كان يمارس مهام الإمامة على أوليائه، فتجبى له الأموال، ويوزعها على مستحقيها وينفقها على مصارفها الشرعية، وأنه كان يصدر الأوامر والتوجيهات لاتباعه بواسطة سفراء، عجزت الدولة العباسية عن معرفتهم أو معرفة أمكنة إقامتهم!! لقد كان الإمام الغلام وسفراؤه شغلها الشاغل، ولكنها لم تصل إلى نتيجة.
فيئست من العثور على الإمام الغلام، ويئست من العثور على سفرائه ومن معرفة وسائل اتصالهم بالإمام، وانتشرت الشائعات واستقر في أذهان العامة والخاصة من رعايا الدولة العباسية أن الإمام الغلام هو المهدي المنتظر بالفعل، وقد رووا أنه هو وحده الذي سيخلصهم وينقذهم دون أن يضطروا لتقديم أي تضحية!! بل سيأتيهم الخلاص والإنقاذ تماما كما تعود المطر أن يأتيهم!!.