الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٧٦٧
على أنه لم يفت يوحنا أن المعلمين الكذابين يدعون هم أيضا أنهم " يعرفون الله ". ولذلك أكثر من التنبيهات ليدل على علامات الحياة المسيحية الصحيحة. ويمكن إدراجها في سلسلتين: فهناك أول الأمر العلامات من النوع الخلقي، من اجتناب الخطيئة (3 / 6) والاقلاع عن حب العالم (2 / 5) والسير في النور (1 / 7) وعمل البر (2 / 29 و 3 / 10) وحفظ الوصايا (2 / 3 - 5 و 3 / 24 و 5 / 2)، ولا سيما وصية المحبة الأخوية (2 / 9 - 11 و 3 / 10 و 18 - 20 و 4 / 13 و 20 و 5 / 1).
وهناك أيضا العلامات التي تتناول العقيدة، وهي الثبات في التعليم الذي سمع منذ البدء (2 / 24) والاستماع إلى الذين في الكنيسة يعلمون الحق (4 / 6) والإيمان والشهادة بأن يسوع هو المسيح ابن الله (2 / 23 و 4 / 2 و 5 / 1 و 10). أما موهبة الروح القدس (3 / 24 و 4 / 13) فليست هي علامة في المعنى الحقيقي، بل قوة باطنة تبعث الإيمان والمحبة الأخوية.
ما هي ثمار تلك المشاركة الصحيحة لله وللإخوة؟ إن عمل كلام الله والإيمان الحي يؤتيان المسيحي الغلبة على الخطيئة والعالم (2 / 13 و 14 و 4 / 4 و 5 / 4 - 5). فمن عاش حياته، حياة ابن الله، على وجه تام، أصبح شبه عاجز عن ارتكاب الخطيئة (3 / 6 و 9 و 5 / 18). وأن خضوعه التام لمشيئة الله ينفي عنه كل خوف (4 / 18) ويوليه الثقة التامة لدى الديان العظيم، ويوليه أيضا الاطمئنان بأنه يستجاب له في صلاته (3 / 21 - 22 و 5 / 14 - 15). ولذلك تصبح تلك المشاركة بين المؤمنين ينبوع سلام لهم (2 يو 3) وتبعث فيهم الفرح المسيحي (1 يو 1 / 3).
[الخاتمة] تعرض رسائل يوحنا عرضا شاملا الحياة المسيحية الصحيحة. إنها حياة المشاركة لله، فهي تحقق تحقيقا تاما العهد الجديد بين الله والناس، الذي أنبأ الأنبياء بقيامه في أزمنة الخلاص. إن هذا العهد الجديد قبل كل شئ بالكشف الذي أتى به يسوع المسيح، الكشف عن محبة الله. وهو جديد أيضا لأن هذه الحقيقة صارت حقيقة باطنة بعمل من الروح القدس. وهكذا أصبح الإيمان والمحبة الشريعة الجديدة لتلاميذ المسيح. وشاء يوحنا أن يحمل هذا الكشف جميع ثماره، فشدد على ضرورة تقليد لا ينفك يرجع إلى أصله، وقد ألح أيضا في كلامه على الشأن العظيم لتمييز الأرواح " والمسحة " الباطنة، واختبار إيمان المسيحيين. وهذه كلها أمور من العقيدة بحث فيها بحثا طويلا بعدئذ في علم اللاهوت والروحانية والتصوف عند المسيحيين.
تحتوي هذه الرسائل تعليما يتناول المشاركة لله والخلق الكريم والتفكير اللاهوتي المتصوف، وهي تعرض أيضا لنا تعليما يتناول الحياة الأخرى. فلا يمكن أحدا إلا أن يؤخذ بما فيه من شأن لنهاية الأزمنة. قال يوحنا: إن الساعة الأخيرة قد أتت. إننا نحن المسيحيين في حالة مقاومة للعالم، ولكننا نعلم أن هذا العالم زائل، ولذلك نحن مدعوون إلى أن نرسخ على يسوع رجاءنا كله، وعندما يظهر نراه كما هو.
(٧٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 762 763 764 765 766 767 768 769 770 771 772 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة