الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٧٦٥
يسوع المسيح (الآية 7). وكانوا يعيشون في كل مكان على نفقة المسيحيين الذين كانوا يعاونونهم في سبيل الحق (الآية 8)، ولكن ديوتريفس أبى أن يتقبلهم، لا بل طرد من الكنيسة كل من يعاونهم (الآية 10). فالغاية من هذه الرسالة هي حث غايس على مواصلة عمله في تأييده للمرسلين.
ظاهر هذه الرسالة إذا هو أنها رعائية، ليس فيها أي تلميح كان إلى تعاليم البدع المذكورة في الرسالتين الأولى والثانية. غير أن مقاومة ديوتريفس العنيفة للعمل للبشارة الذي يوجهه الشيخ ورفضه للاستماع إليه، وهو ميزة روح الضلال (1 يو 4 / 6)، وتأكيد الشيخ أن ديوتريفس لم ير الله (3 يو 11)، وهو تلميح إلى ادعاء أهل البدع أنهم يرون الله (1 يو 3 / 6 وراجع 2 / 4)، وآخر الأمر سروره بأن غايس يسير في الحق (3 يو 3 و 4)، وهو سلوك يضاد سلوك المضلين (2 يو 4 - 7)، ذلك كله يحملنا على الافتراض أن ديوتريفس متورط بعض التورط في الضلال.
ليس من دليل واضح يتيح لنا القول، على نحو أكيد، في أي ترتيب كتبت الرسائل. يرى بعض الكتبة أن الرسالة الأولى هي آخر الرسائل من جهة تاريخ كتابتها. لا يخلو هذا الرأي مما يرجحه: فإن فريقا من المسحاء الدجالين قد انفصل عن الجماعة (1 يو 2 / 19). ويبدو أن ذلك الأمر يدل على أن البدعة قد ازدادت انتشارا ورسوخا، وتوحي طريقة الكاتب في كلامه عليها بأن الخطر يعم. وجه الكاتب الكلام إلى جماعة محلية في الرسالة الثانية والثالثة، وها هو ذا الآن يعود إلى الموضوعات نفسها في رسالة جماعية، موجهة هذه المرة إلى مختلف كنائس آسية الخاضعة لسلطته.
[التفكير اللاهوتي في الرسالة الأولى] ليس مرادنا هنا القيام بتحليل كامل لما في الرسالة من التفكير اللاهوتي، بل إظهار تعليمه الرئيسي. عبر الكاتب عن بغيته تعبيرا واضحا في الآية التي وردت في خاتمة الرسالة: " كتبت إليكم بهذا لتعلموا أن الحياة الأبدية لكم، أنتم الذين يؤمنون باسم ابن الله " (5 / 13). فقد أراد يوحنا، في البلبلة التي سببتها البدع، أن يجعل المؤمنين على يقين من أن الحياة الأبدية لهم وليست للأنبياء الكذابين. يدوي هذا اليقين كصيحة انتصار الإيمان على العالم: " نعلم أن جميع الذين ولدوا لله لا يخطأون.. نحن نعلم أننا من الله وأن العالم كله تحت وطأة الشرير. ونعلم أن ابن الله.. أولانا بصيرة نعرف بها الحق. نحن في الحق إذ نحن في ابنه يسوع المسيح " (5 / 18 - 20). يجب على المسيحيين، ليردوا على ادعاءات الغنوصية الكاذبة، أن يجهدوا لينموا ويرسخوا فيهم ذلك " العرفان " الحقيقي، وهو يقين الإيمان كما قال بعض الكتبة: " إن المسيحي الكامل لم يبق في الظلام، بل هو في النور: إنه يعلم ".
الموضوع العظيم في الرسالة هو مشاركة المؤمنين لله: إنها " مشاركة الآب وابنه يسوع المسيح " (1 / 3)، ولكنها تظهر عند المسيحيين مشاركة بين الإخوة (1 / 3 و 6). لم ترد هذه الكلمة، كلمة مشاركة، في مكان آخر عند القديس يوحنا، ولكن الحقيقة التي تعبر عنها توصف في الرسالة كلها بعبارات مختلفة تكاد أن تكون سواء، وتظهر كل ما في تلك الحياة من غنى. فالمؤمن هو " من الله " (2 / 5 وراجع 5 / 20) و " الله يقيم فيه " أو " في الابن والآب " (2 / 6 و 24 و 27 و 3 / 6) (و " يقيم
(٧٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 760 761 762 763 764 765 766 767 768 769 770 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة