الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٥٤٠
(راجع المدخل إلى 1 قور). ولكن الأحوال التي دعت إلى كتابة الرسالة الأولى قد تطورت. ففي الرسالة الثانية يوضح طبع المرسل إليهم وتفكيرهم على هذا الوجه: أترى روح المقاومة لقيام بولس برسالته ميزة من ميزاتهم؟ لنبحث في هذا الموضوع بعدئذ في الفقرة الرابعة. يبدو أنه كان لبولس عدة أنواع من الخصوم، فقد مرت علاقات المرسل إليهم وبولس بأزمة شديدة. يظهر هنا وهناك حسدهم ومنازعاتهم، بل ميلهم إلى التخلي من الإيمان، وآخر الأمر فإن البطاقتين اللتين خص بهما بولس في 2 قور 8 و 9 جمع الصدقات من أجل " القديسين "، وقد سبق ذكره في 1 قور 16، تدلان على أن سخاء أهل قورنتس هو سخاء بالقول أكثر منه بالعمل، وأنهم، بحذقهم في تنظيم الصدقات الذي دعوا إليه، يتوخون فوق كل شئ إشراك غيرهم في ذلك العمل.
[خصوم بولس] يعسر علينا أن نعرف معرفة دقيقة من هم خصوم الرسول. أتراهم ينتمون إلى الكنيسة، فيجب إحصاؤهم في عداد الذين كتبت إليهم الرسالة، أم تأثر أهل قورنتس كثيرا أو قليلا بهم فحسب؟
أتراهم يؤلفون فئة متجانسة، أم هم عدة فئات لا تؤلف بينها إلا معارضتها لبولس؟ أتراهم هؤلاء الذين يقصدهم الرسول من خلال أجوبته في الرسالة الأولى إلى أهل قورنتس؟
في مجمل ما ورد في 2 قور بضعة أجوبة:
إن أحد أعضاء جماعة قورنتس أهان بولس إهانة كبيرة، فاغتم بولس، لا وحده، بل اغتم أيضا معلم أعضاء الجماعة. وقد يكون أن الإهانة ارتكبها أحد " عارفي " قورنتس، فالخلاص، في رأي مثل هذا الرجل، هو في المعرفة قبل كل شئ، ولا يلزم حياة الإنسان بأجمعها. أترى ذلك الرجل هو الذي ذكر في 1 قور 5 / 1 - 13، وكان مسؤولا عن علاقات جنسية بامرأة محرمة عليه؟
إن ذلك لراجح، فقد جعل بولس ذلك الرجل في عداد الذين " خطئوا فيما مضى ولم يتوبوا عما ارتكبوا من الدعارة والزنى والفجور " (2 قور 12 / 21). نجد هنا النزعات الغنوصية التي سبق أن كافحها بولس في 1 قور. إن أولئك العارفين يدعون إلى أنفسهم (2 قور 4 / 5) ويظنون أنهم نالوا الآن الخلاص المستقبل (5 / 10 - 13).
تكشف قراءة 2 قور 10 - 13 عن فئة أخرى من الخصوم يميزها أنها تستوحي آراءها من اليهودية. ولا تمكننا هذه الآراء من أن نعرف معرفة أكيدة هل أعضاء هذه الفئة خدم للمسيح أم مسيحيون متهودون أم أناس ظلوا يهود على وجه تام. ففي 11 / 21 - 23، جعل الرسول نفسه وإياهم في صنف واحد، ويبدو خصومه منتمين إلى الكنيسة: " عبرانيون، من ذرية إبراهيم، خدم المسيح، وهم مع ذلك ليسوا إلا مخادعين ورسلا كذابين، يتزيون بزي رسل المسيح " (11 / 13) ويظهرون اعتمادا على أنفسهم مفرطا. أتراهم يعدون غير كاف القرار الذي اتخذ في مجمع أورشليم (رسل 15 وغل 1) والذي جعل فيه حد أدنى للأحكام المفروضة على الوثنيين؟ أتراهم يريدون فرض جميع أحكام اليهودية على الذين من أصل آخر؟ إن الأمر محتمل. ليست تلك الاستنكارات العنيفة موجهة إلى أناس أوفدهم بطرس الذي وقره بولس دائما أبدا، ولا إلى أناس بعث بهم يعقوب من أورشليم،
(٥٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة