الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٤٧٧
[أ) التحرر من الخطيئة والموت والشريعة] [آدم ويسوع المسيح] 12 فكما (10) أن الخطيئة دخلت في العالم عن يد إنسان واحد، وبالخطيئة دخل الموت (11)، وهكذا سرى الموت إلى جميع الناس لأنهم جميعا خطئوا (12)..
13 فالخطيئة (13) كانت في العالم إلى عهد

(10) في الآيات 12 - 21 مقابلة بين تدبيرين: تدبير الخطيئة وتدبير النعمة. في هذه الآيات الرئيسية التي لا تخلو من الصعوبات، لا يريد بولس أن يقيم توازيا شديد الشبه بين آدم والمسيح، بقدر ما يريد أن يشدد على التعارض بين الواحد والآخر، وأن يظهر تفوق الآخر على الأول. يضاف إليه أنه لا ينبغي لنا أن ننسى أن المسيح وعمله هما، في كل هذه الفقرة، محور تفكير بولس. وانطلاقا من هذا المحور يصور آدم بصورة من به ساد ملك الموت الذي منه انتشل المسيح البشرية.
(11) الخطيئة تفصل الإنسان عن الله، وهذا الفصل هو الموت: موت روحي وأبدي علامته الموت الجسدي (راجع حك 2 / 24 وعب 6 / 1). في هذه الفقرة، تجسد الخطيئة والموت بوجه أخاذ.
(12) في نهاية الآية 12، صعوبات معروفة من جهة الترجمة والتفسير. فالعبارة اليونانية المترجمة ب‍ " لأنهم " فهمت: 1) بمعنى " لأن، بما أن "، ويبدو أن هذا هو المعنى الأفضل من جهة قواعد اللغة، وهناك نصوص تؤيده (2 قور 5 / 4 وفل 3 / 12 و 4 / 10). 2) كأنها اسم موصول عائد إلى آدم (فيه، بسببه)، 3) كأنها اسم موصول عائد إلى الموت (بسببه، من أجله). من الواضح أن هذه الترجمات المختلفة تتضمن فروقا في التفسير. على كل حال، يبقى هذا التفسير أمرا دقيقا.
في نظر آباء الكنيسة اللاتينية ولوثر، إن في هذا النص، قبل كل شئ، إشراكا عجيبا لجميع البشر في خطيئة آدم (ولقد ورد في الترجمة اللاتينية الشائعة: " آدم الذي فيه خطئ جميع البشر "). قد يفهم، بموجب هذا التفسير، أن آدم، أبا البشرية، قد أورث سلالته ميراث موت، أو أن جميع خطايا البشرية كانت سالفا ضمن عصيان آدم.
ويرى بعض آباء الكنيسة اليونانية وعدد كبير من المفسرين الكاثوليك والبروتستانت أن بولس يقصد هنا بوجه خاص ما يرتكبه كل إنسان من خطايا شخصية (روم 3 / 23): فمن خلال هذه الخطايا، استطاعت قدرة الخطيئة، التي أدخلها آدم إلى العالم، أن تثمر ثمار موت.
على كل حال، يفترض نص الآية، ومثله قرائن النص في الآيات 12 - 18، وجود صلة تضامن بين معصية آدم وخطايا كل إنسان الشخصية. ولكن لا بد من الإشارة إلى أن بولس لا يعالج هنا مباشرة موضوع طبيعة هذا التضامن.
ولا بد من الإشارة أيضا إلى أن آدم، في نظر بولس وفي نظر معاصريه، ليس مجرد فرد تاريخي، بل هو أيضا وبوجه خاص الشخص الذي يتضمن البشرية كلها. وبهذه الصفة يرى فيه بولس صورة المسيح.
(13) إن التشبيه الذي باشره بولس في الآية 12 يبقى معلقا، وسيستأنف في الآيتين 15 و 18. يرى بعض المفسرين أن الآيتين 13 - 14 تفسران نهاية الآية 12: " لأنهم جميعا خطئوا ". يضع بولس نفسه في الميدان الحقوقي فيقول: إن الذين عاشوا في الفترة الفاصلة بين آدم وموسى، وإن كانوا خاطئين، لا يستوجبون عقاب الموت بحكم شريعة تعنيهم شخصيا، لعدم وجود شريعة. وعليه فلقد أصابهم الموت، لا من جراء خطاياهم، بل من جراء خطيئة آدم.
ويرى غيرهم من المفسرين أن الآية 13 تعبر عن هذا الاعتراض: كيف يمكن أن يكون الموت عقوبة الخطيئة، علما بأنه لم يكن هناك من شريعة؟ في الآية 14، يجيب بولس: إن الخطايا التي ارتكبها الناس الذين عاشوا في الفترة الفاصلة بين آدم وموسى كانت تحتوي في نفسها قدرة الموت.
فالموت ليس عقابا خارجيا محضا، بل نتيجة لطبيعة الخطيئة التي ملكت من جراء خطيئة آدم.
على كل حال، لا شك أن بولس يقول قبل كل شئ:
إذا ساد الموت جميع الناس، حتى قبل موسى، فإن جميع الناس كانوا مغلقا عليهم، بعلم منهم أو بغير علم، في نظام الموت (روم 11 / 32 وغل 3 / 22)، بدأ في آدم الذي يمثل ويتضمن كل البشرية الخاضعة لقدرة الموت، إلى يوم انتصار المسيح.
(٤٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة