ذلك ادخل من الطاهر والطير سبعة سبعة ومن غيرهما اثنين اثنين فلا يكون ذلك من الإجمال والتفصيل أو الجمع والتقسيم، كما لا يخفى على من يفهم معاني هذه الألفاظ، وذلك لأجل المضادة في الكلام الثاني مع الأول من حيث العدد وتوضيح المقام هو أن وجوه التوفيق المدعاة بين الكلامين هاهنا هي ثلاثة:
الأول: التفصيل والتقييد بعد الاجمال والاطلاق وقل التقسيم بعد الجمع أو الجمع مع التقسيم والتفريق، ولكن هذا النحو ها هنا موقوف على كون الكلام الأول مجملا مبهما مطلقا من حيث العدد وذلك بأن نجعل قوله اثنين منسلخا عن معنى العدد بل هو بمعنى ذكر وأنثى وإن كانت ألفا فيأتي قوله سبعة واثنين بيانا وتقسيما لما أبهم من عدد الطيور والبهائم الطاهرة وغيرها وقل حينئذ إنه تفصيل بعد الإجمال إلى آخره، ولكن هذا الوجه باطل لأمور أما " أولا " فلأنه لم يسمع في كلام العقلاء استعمال لفظ اثنين منسلخا عن معنى العدد فهل سمعت عاقلا يقول أكلت من الطيور اثنين وهو لا يريد العدد بل يرد ذكرا وأنثى وإن كانت عشرة، وأما " ثانيا " فلأنه قد صرح وبين الاثنين ذكرا وأنثى وكانت ذكرا وأنثى، وأما " ثالثا " فلأن كل فاهم لما يسمع ويقرأ ليفهم أن المتكرر خمس مرات من قوله ذكرا وأنثى إنما هو بيان لإجمال المعدود بالعدد المبين في الكلامين على حد سواء.
" الوجه الثاني ": العموم والخصوص بأن يكون قوله في الأمر الأول من كل ذي جسد اثنين، وكذا قوله اثنين من كل تدخل إليك عاما للطير والطاهر وغيره فخصصه الكلام الثاني ببيان أن الطاهرة والطير يدخل منها سبعة وهذا خطأ منشأه الخبط والخلط بين التخصيص والنسخ فإن التخصيص إنما هو إخراج بعض أفراد العام عن الحكم قبل وقت العمل به، أما رفع الحكم عن جميعها فهو النسخ ولا يمكن البناء هاهنا على التخصيص في حكم الطيور لأنه حكم في الأمر الأول بأن يدخل من الطيور بأجناسها اثنين من كل جنس وحكم في الأمر الثاني على الطيور بأجناسها بأن يدخل منها سبعة سبعة فلا يكون حكم الطيور في الأمر الثاني تخصيصا لحكمها في الأمر الأول أو بالعكس وذلك لأجل تساوي الموضوعين في الكلام، فليس أحدهما أعم والثاني أخص كما هو شرط العموم