وفي مرقس وجاؤا " أي المسيح وتلاميذه " إلى عبر البحر إلى كورة الجدريين، ولما خرج من السفينة للوقت استقبله من القبور إنسان به روح نجس كان مسكنه القبور، وذكر القصة المتقدمة بتمامها مع مجنون واحد " مر 5: 1 - 21 ".
وفي لوقا وساروا إلى كورة الجدريين التي هي مقابل الجليل، ولما خرج إلى الأرض استقبله رجل من المدينة كان به شياطين، وساق القصة نحو مرقس مع مجنون واحد.
قال المتكلف " يه 1 ج ص 233 " إن مرقس ولوقا اقتصرا على ذكر المجنون الذي كان أشد هياجا وعربدة.
وثانيا أنهما اقتصرا على ذكر المجنون الذي كان من الأمم، وصرفا النظر عن اليهودي.
وثالثا إن الذي ذكراه كان من المهذبين والمترجح أنه كان من ذوي اليسار وذا شهرة إلى آخر ما ذكره.
قلت: من أين له إن أحد المجنونين اللذين ذكرا في متى كان أشد هياجا وكان من المهذبين وذوي اليسار والشهرة وإن المجنون الآخر كان يهوديا مع أن متى وصفهما معا بشدة الهياج ومنع الناس عن الاجتياز في الطريق وسائر الأحوال المذكورة في القصة.
ومرقس ولوقا ذكرا مجنونا واحدا ومهما وصفاه بشدة الحال لا يزيد عما ذكره متى في المجنونين معا، وأن متى ومرقس ولوقا لم يتعرضوا في كلامهم ولا إشعارا بكون المجنونين أو أحدهما من الأمم أو اليهود، أو الخاملين أو المهذبين وعلى أن هذه كلها دعاو لا أصل لها حتى في أضغاث الأحلام فإنها لا تصلح لرفع التناقض والاضطراب بين نقل متى ونقل مرقس ولوقا.
وزد على ذلك أن متى ذكر الواقعة في كورة الجرجسيين ولسان القصة يقتضي كونها قريب المدينة " وهي جرجسا " قريب مقابرها ومسارحها وجرف البحيرة.