اعتمد من يوحنا بمعمودية التوبة وانفتحت السماوات وأتاه روح الله وروح القدس مثل حمامة جسمية وصوت من السماء هذا هو ابني الحبيب الذي سررت به وامتلأ من الروح القدس أصعده الروح إلى التربة أربعين يوما ليجرب من إبليس.
أو تدري ما معنى ذلك؟ هو أن يروض نفسه ويؤدبها على مخالفة الشيطان وهوى النفس الذي هو شبكته لئلا يقوى الشيطان عليه بالغواية.
فإن قلت: ما حاجة المسيح إلى التجربة من إبليس والتأديب للنفس عن اتباع الهوى، مع أن المتكلف يزعم أنه ابن الله والأقنوم الثاني وهو والله واحد، والإله الذي تقمص الطبيعة البشرية ليرفع قدرها، بل الكلمة الذي كان عند الله وكان هو الله كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس " يو 1: 1 - 5 ".
قلت: لا أدري ومن ذا الذي يدري؟ فاستمع إلى تمام الكلام فإن الشيطان بعد تجربة الأربعين يوما أصعد المسيح إلى جبل عال وأراه جميع ممالك المسكونة في لحظة من الزمان، وقال له إبليس: أعطيك هذا السلطان كله واسجد لي، ثم جاء به من البرية إلى أورشليم وأقامه على جناح الهيكل وقال له: إن كنت ابن الله فاطرح نفسك من هاهنا " مت 4: 3 - 11 " ولو 4: 3 - 13 ".
فإن قلت: إن من كان في مزاعم المتكلف وأصحابه بالمنزلة التي ذكرناها عنهم من الألوهية ولوازمها كيف يطمع فيه إبليس أن يسجد له بعد تجربة أربعين يوما، وإنا لنرى أن من كان من الصالحين فيه شئ من النعمة والتوفيق الإلهي ليندحر عنه إبليس ولا يطمع في إغوائه إلا بالاختلاس والمخادعة من ناحية التقوى، فكيف يطمع بالمسيح في السجود له؟ وكيف لم يجبه المسيح على مزاعم المتكلف وأصحابه بقوله اخسأ يا شيطان فإني أنا الإله المستحق للسجود ولي ملكوت كل الموجودات وبي كان كل شئ وبغيري لم يكن فهي في قبضة سلطاني. ولماذا أخفي هذه الحقيقة والحال أنه لم يكن معهما أحد من اليهود ليخاف منه، بل قال له: إنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه تعبد، ومن هو