(ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) واستنتج علماء المسلمين من هاتين العبارتين أن محمدا مثل الأمة في حق صدور المعصية منه وتقدم في الجزء الأول بعض أعماله ومقتضى القانون الذي وضعه المعترض وهو الشك في الإله كفر، إن محمدا ورد في القرآن أنه شك وأشرك وخسر وكفر وافترى وامترى وضل وجهل وكذب إلى غير ذلك.
أقول: وقد تشبث لهذه الجرأة على قدس رسول الله بما توهمه من قوله تعالى في سورة يونس 94 (وإن كنت في شك مما أنزلنا إليك) - أي في نبأ نوح وقومه ونبأ موسى وهارون مع فرعون -. (فاسأل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك).
وقوله تعالى: (فلا تكونن من الممترين، ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين، ولا تكونن من المشركين ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين) ونحو ذلك.
فأقول أما قوله تعالى (قل إنما أنا بشر مثلكم)، فلا يفيد سوق الآية ولا لفظها إلا تثبيت التوحيد ورفع أوهام الغلو برسول الله، وتمام الآية (يوحي إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا).
وأما قوله تعالى: (فلو لا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) فقد قدمنا لك في أوائل هذا الفصل دلالتها ومرماها فراجع.
وأما قوله تعالى: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك الآية)، فإن إن الشرطية فيه للتعليق على فرض الشك والمراد من ذلك تلقين الحجة لرسول الله فيما أوحي إليه وإعلامه بأن ما أوحي إليه في شأن نوح وقومه وموسى مذكور في الكتب التي لم تطلع عليها أنت ولا قومك، بل لنا أن نقول أن صورة الخطاب وإن كانت لرسول الله ولكن المقصود من ذلك قومه الذين لا اطلاع لهم على الكتب السابقة.
ولا نجيب عن الآية الشريفة بأنها مثل ما يحكى عنه قول المسيح " إن